علي غالب
   عاش اليمنيون غمرة تحالف مبالغة في الخلاص مع بواكير العام 2015، هزت في أعماقهم روح المقاومة والتضحية لوأد خطر الانقلاب الحوثي العفاشي، لكن سرعان ما بدأت مخالب التحالف تظل هدفها، لتبدأ مسارا من الأطماع المشوهة لمرجعيات ومقاصد تدخلها، وبنفس غير أخوي البتة، بحيث لم يعد ممكنا أن تفرق بين العدو والصديق، إذ حتى لا مصالح دائمة ترسم ملامح المشهد، وعلاقة التحالف بسلطة هادي. من المفترض أن منطق تقاسم المصالح يقتضي إنجاز الأهداف، حتى يتسنى للطرفين قطف ثمارها. (إلا إذا كان للتحالف ثمة أهداف تقسيمية لا تأبه فيها حتى للثوابت الوطنية فالأمر يختلف تماما). لكنه مبدأ العجلة، وغول الطمع الثائر غير المدرك للمتغيرات الخطيرة، التي ترافق المشهد العملياتي في خظم معركة مناجزت القوى الانقلابية. التفكير المفرط والأناني في الغنيمة قبل نهاية المعركة حول مجرياتها وخطوطها إلى منحنيات بالغة الفتك والخطورة، وأهدت الطرف الانقلابي هدية كسب الوقت الكافي للمعركة، وتجنب خسارة صفرية. فما أن تتحرر محافظة حتى يلوح في أفقها مؤشرات الفيد، ومعالم تغيير الأهداف لغير مصلحة الهدف الإستراتيجي العام الضامن لفاعلية التكتيكات، التي ترافق القوى المثقلة بالأطماع للاستثمار السريع في فتاتها.
ليس هذا فقط هو دأب التحالف خصوص الإمارات، فثمة دببة وقطط سمان جائعة تسابق الزمن في استثمار سلطة المهجر، وجني أكبر قدر من الثروة. تمارس فاحشة فساد ومحسوبية هي الأسوء في تأريخ اليمن المعاصر. "من استعجل القطاف عوقب بالحرمان"، هذا مثل يتجلى في مشهد التحالف والشرعية.
   المعركة قائمة والقطط حول هادي، وتحت عباءة شرعيته تهور بديناميكية تقاسم الوظائف وتحديدا منها الدبلوماسية، بصورة مخزية، وتقاسم حتى المنح الدراسية بين أولادهم بما يبعث القرف. هذه القطط لم يجد من حتى ينهرها، أو يقف في طريق غيها سوى بعض الأحرف الصحفية غير الكافية للردع، فهي محصنة بدنبوع هو الأكثر عجزا وغمرة.
المهم سوق الأطماع وتجارته قائمة، ولكن بسخونة تفوق ضخات وأزيز الرصاص. التحالف غير مساره جنوبا وشرقا، تماما كما صدح أحمد الميسري وزير الداخلية، لكن ليته أكمل العبارة، ولخص غزوات القطط الهوامير في أروقة قصور الرياض. هناك من غير مسار مبادئه، وحتى جلد نظافته، وأضحت روائح مهنته، التي أقسم عليها مرتع لكل نجاسات الوظيفة العامة كالقط العليمي، والقط بدون قسم كجلال هادي. هل كان أيا من شرفاء الشرعية يتوقع أن تذهب قوى الفيد ممثلة بالقطط السمان في فسادها حد السطو على سفن المساعدات الإنسانية مثلها مثل عصابة الحوثي، والمتاجرة بتوزيعها على طول الساحل الجنوبي والشرقي، ناهيك عن جرائم سطو المؤسسات الإيرادية واستثمار عمولات توزيعها للفاسدين. شغلتهم تلك الفاحشة المخزية عن تدبير الأهداف العامة، كما شغلت التحالف تقاسم أطماع المواقع ومقدراتها، وعلى الجانب الآخر حشاش حوثي يجلد مختلف شرائح المجتمع ومؤسساته، لتوفير وقود معاركه كمجهودات حربية وضرائب، لكنه أرقى في حرصه على نيل أهدافه. يتكتك، لكن لا يستعجل غنائمه بتلك الصورة الموحشة، التي تعكف عليها القطط والتحالف المعادي لها.
وفي خضم هذه المأساة السياسية والعسكرية يغرق وطن بمن فيه، ومعه تغرق ثوابته الحيوية، وطن أبتلي بلفيف من الساسة المرتزقة، وأطماع التحالف المكلفة.
   الأطماع المكلفة لن يدفع اليمن وحده الثمن، فثمة تهديدات بدأت نذرها تطال مواقع إستراتيجية كانت في حكم الحصانة من المحرمات. وتفجيرات مروعة بعصب الاقتصاد الإماراتي، وردها مفلس إلا من العويل، ولا يريد فزعا أن يطال مصدر الهجوم والتهديدات الإيراني، بل يقتصر بجبن على تعبئة الأحزمة والنخب، لتدمير وحدة اليمن طمعا في مقدراتها، واستهداف جيش الشرعية الذي ينغص مراهقة أطماعهم. هذا هو هدف التحالف ببساطة حتى لا تلتبس الصورة، وتحاول ميديا التحالف أن تصور أنهم جاؤوا منقذين، وأن لا مطمع سوى استعادة الشرعية، كما هو مفترض، انحراف الأهداف المنحرفة أصلا ستقض مضاجع صناع القرار في الخليج، وتلتهم خضراء استقرارهم وأمنهم، ولم يعد متوقعا بالضبط! أين سوف تستقر بنا تكلفة الأطماع ومآسيها؟ 
والله غالبا على أمره ولو كره ......