الفنانة مديحة يسري، قدمت العديد من الأدوار الفنية وقد عرفت في فترة الثمانينات بأنها أميرة الإغراء، وكانت من نجوم الصف الأول ولكنها فاجأت جمهورها بقرار الاعتزال عام 1992، أثناء تصويرها لفيلم “بوابة إبليس”، مع المخرج عادل الأعصر، ما اضطر المخرج إلى الاستعانة بدوبليرة لاستكمال مشاهد مديحة كامل، وجاء هذا القرار بعد رؤيتها لشخص في المنام يتقدم إليها ويلبسها رداء أبيض فضفاضا وينظر إليها بحنان ويهمس لها: “لقد آن الأوان يا مديحة”.
وعن قرار اعتزال الفن وارتداء الحجاب، كشفت الفنانة الراحلة خلال حوار صحفي قديم لها، أنها قامت بزيارة الشيخ محمد متولي الشعراوي، ولكنها قالت: إنها ليست في حل من أن تقول ماذا دار بينها وبينه، لأن هذا شيء خاص جدًا.
مديحة أضافت إن ارتدائها الحجاب والتغيرات التي طرأت عليها لم تكن بعيدة عليها، فهي في داخلها منذ زمن بعيد، فهي ليست بغريبة عن الدين والتدين، ولا الدين بغريب عليها، فهي حافظة لآيات كثيرة من القرآن الكريم، ولكثير من الأحاديث النبوية الشريفة ولا تفعل ما يغضب الله، ودائمًا ترضي ضميرها وقلبها.
الفنانة الراحلة كشفت للمرة الأولى أنها كتبت ابتهالات دينية وخواطر، ووصفتها بأنها اجتهادات، كما كتبت قصة درامية تحمل اسم “العودة”، ولكن هذه الخواطر لم يطلع عليها أحد سوى والدها وابنتها ميرهان، وبعض أصدقائها المقربين وأشادوا بها كثيرًا.
مديحة كامل أضافت إن ابنتها حين قرأت الخواطر الخاصة بها لم تتمالك نفسها وبكت فبكيت والدتها معها، وقد ارتدت الحجاب واعتزلت العمل الفني في أبريل 1992 وكان آخر أفلامها فيلم “بوابة إبليس”، الذي أتلفت بعض مشاهده وتمت إعادة تمثيل المشاهد التالفة بواسطة دوبليرة لأن كانت قد اعتزلت الفن وقتها ورفضت رفضًا قاطعًا العودة للتمثيل.
وقد قالت ابنتها ميرهان، عن قصة توبة والدتها واعتزالها الفن، أن والدتها عندما حضرت معها أحد الدروس الدينية واستمعت لقراءة القرآن، ظلت تبكي بشدة وزرفت الدموع من عينيها، وبدأت تتحدث وتقول: “عندما بدأت رحلتي مع الفن كنت أبعد ما أكون عن الله، لم يكن يشدني إلى الحياة سوى المال والشهرة وقصص الحب، ومع الأيام زادت نجوميتي، لكن إحساسًا غريبًا بدأ ينتابني كنت أشعر وأنا في قمة المجد بأني أيضا في قمة الوحل، كثيرا ما أحسست برغبة عارمة في أن أحمل سوطا وأجلد نفسى، وكم وقفت أمام المرآة وأنا في أبهى زينة ثم تمنيت أن أبصق على وجهى.
وأضافت: “دعوت الله بان يهدي أمي إلى الطريق المستقيم، وجاءني هاتف يشعرني أن الله استجاب دعائها، وبالفعل هداها الله، خاصة بعد رؤيتها لشخص في المنام يتقدم إليها ويلبسها رداء أبيض”.
وقد عانت مديحة كامل، من مرض القلب طوال حياتها، وأصيبت المرة الأولى بجلطة عام 1975 أثناء تصويرها مسلسل” الأفعى”، إلا أن متاعبها الصحية الجدية بدأت قبل وفاتها بعام حيث ظلت طريحة الفراش في مستشفى مصطفى محمود لمدة عشرة أشهر بسبب ضعف عضلة القلب و تراكم المياه على الرئة بشكل مستمر ما استدعى مكوثها في المستشفى لفترة طويلة، وتوفيت في منزلها في 13 يناير 1997 المصادف الرابع من شهر رمضان بعد أن أدت صلاة الفجر جماعة مع ابنتها وزوج ابنتها، ثم خلدت للنوم، وتم العثور عليها ميتة في ظهر اليوم التالي.