ثاني كبير ومتميز في مصر والوطن العربي ورغم أنهما من أشهر الثنائيات في الأربعينات والخمسينات، إلا أن الرومانسية التي رآها الجمهور بين الفنان أنور وجدي والفنانة ليلى مراد على الشاشة وهمية، ولا تمت للواقع بصلة.
المقربون من ليلى وأنور قالوا إن زواجهما كان كارثي، فكان أنور يقول: «غلطتي أنني تزوجت من نجمة مشهورة تعتقد أنها أشهر مني، تزوجت من امرأة غنية تعتقد إنها ليست في حاجة إلى أموالي».
بدأت قصتهما عندما دخلت ليلى إلى الأستوديو لتلعب دور البطولة في فيلم «روميو وجوليت» أمام المطرب إبراهيم حمودة، وذات صباح وهى تجلس في غرفتها جاء من يقول لها: «أنور وجدي في الأستوديو يريد مقابلتك»، ولم تكن التقت به من قبل وحين دخل عليها، تحدث عن هدفه مباشرة دون لف ودوران، قال لها: «وضعت كل ما أملك من مال مع مجموعة من الشركاء لإنتاج فيلم ألعب بطولته أمامك ويخرجه كمال سليم، قالت «ليلى»: «أنا أجري كبير جدا»، رد: «أنا حطيت كل فلوسي في الفيلم ده ومش عايز غير ليلى مراد»، قالت: «أنا أجري 15 ألف جنيه»، رد: «أنا بأبدأ حياتي، وإنتي لازم تساعديني».
وافقت «ليلى» على إلحاحه بأن تلعب أمامه بطولة فيلم «ليلى بنت الفقراء»، واقترحت عليه أن يخرج الفيلم بدلا من كمال سليم الذي داهمه المرض فجأة قبل التصوير بأيام، كان وقتئذ ممثلا يلعب الأدوار الثانية، وكانت هي نجمة ملء السمع والبصر، وأثناء التصوير اصطحبها ذات يوم بعد انتهاء العمل في سيارته، قال لها: «يا سلام يا ليلى لو اتجوزتك وعشت معاكي على طول؟، صعقت ليلى»، علقت ساخرة: «ياه، مرة واحدة كده؟»، رد: «وفيها إيه يعنى، أهو ساعات ربنا يستجيب دعا الواحد»، ثم ترك عجلة القيادة رافعا يديه إلى السماء، صائحا بأعلى صوته: «يارب.. تتجوزيني يا ليلى»، فوافقت بعد أن اكتشفت أنها وقعت بغرامه.
الزواج تم عام 1945، ولكن حب أنور»للمال أوقعه في خلافات كثيرة معها وتسبّب في انهيار سعادتهما الزوجية؛ حيث بعد زواجهما أسس «أنور» شركة إنتاج وأصبح محتكرًا لليلى، لدرجة أنه لم يكن يتقبّل أن تلعب بطولة فيلم لصالح شركات إنتاج أخرى، وهو ما يعني ربح هذه الشركات لآلاف الجنيهات من وجهة نظره، وكما روت ليلى في أحد أحاديثها النادرة أن أنور كان يتعمّد افتعال خناقة معها قبل موعد التصوير حتى تذهب إلى الأستوديو وهي في حالة نفسية سيئة تنعكس سلبًا على أدائها.
وكان أنور يرفض إعطاء ليلى أجرًا عن الأفلام التي تقوم ببطولتها من إنتاجه، وكان يكتفي بأن يدفع الضرائب المستحقة عنها، وعندما رفضت التمثيل دون مقابل في إحدى المرات ضربها، وفي هذه الفترة، ظهر أحمد سالم في حياتهما، وكان «سالم» مديرا لـ«أستوديو مصر»، وقرر إنتاج فيلم «الماضي المجهول»، كان «سالم» وكما يقول صالح مرسي: «ابن ذوات، جنتلمان، طموح، مغامر، شاب، أنيق، وسيم»، ولما عرض على ليلى بطولة الفيلم قبلت، لكن أنور كان يضع العراقيل أمامها، حتى تم توقيع العقد في منزلها، وبعد التوقيع، هاج أنور وطير المائدة الصغيرة في الهواء لترتطم بالحائط، وتطايرت قطع الأثاث، وغادر البيت.
وقع الطلاق الأول بين «ليلى وأنور» في عام 1951، ويروي وقائعه صالح مرسي، قائلا إن ليلى استيقظت ذات يوم من النوم، واستعدت لمغادرة البيت لتصوير بعض المشاهد لفيلم من أفلامها، وجدت البيت وكأنه مقبل على معركة، كان صوت أنور يتصاعد من المطبخ صارخا لاعنا، وكان صوت الأطباق والحلل يتطاير بين الحين والآخر، ووجدت «ليلى» صديقهما محمد البكار في البيت فسألته عن سر الثورة، فأخبرها أنه يطبخ طبخة دمشقية من التي يحبها، وعادت تسأل عن السبب، فجاءها صوت «أنور» من خلفها صائحا: «البيت مفيهوش كمون يا ست هانم»، التفتت «ليلى» إليه هادئة، وكانت تعلم علم اليقين أن الكمون ليس سبب ثورته، فقالت: «طيب وفيها إيه يعني يا أنور نبعت نشترى كمون»، صرخ «أنور»: «وإيه يعني، طب إنتي طالق يا ليلى».
وكان المقربون ليلى يقولون لها إنها تزوجت من رجل بلا قلب يعشق المال ولكنها كانت تحبه حتى شعرت بخيانته ولجأت لحيلة لتتأكد، وضعت خطة لتضبط أنور مع عشيقته «لوسيت»، واشترت «منديل بأوية وملاية لف» لتنفيذها، وفي الساعة العاشرة مساء أحد أيام شهر يناير، ورغم برودة الجو، وانهمار المطر، استقلت ليلى سيارتها إلى حيث توجد لوسيت وأنور، وكان معها فى السيارة صديقتها «مارسيل» زوجة عازف الكمان الشهير يعقوب تاتيوس، وقفت السيارة عند باب العمارة، ونزلت «ليلى» منها ترتدي «الملاية» و«المنديل»، وطلبت من صديقتها «مارسيل» البقاء في السيارة ومعها السائق، ودخلت العمارة، كانت تريد أن تعرف في أي شقة ودور يوجد العاشقان، فتوجهت إلى «البواب»، وسألته عن أي دور يسكن «سي أنور الممثل»، رد: «عاوزة منه إيه يا ست»، قالت «أنا الغسالة الجديدة، ودايخة على العمارة من ساعتين»، سألها البواب: «هو فيه حد ييجي يغسل في وقت زى ده؟»، فردت: «أنا جاية أتفق معاه على ميعاد»، وقال لها البواب: «الأستاذ أنور ساكن في الدور السادس».
صعدت «ليلى»، وسمعت من على الباب صوتهما وهما يتحدثان بالفرنسية، وقبل أن تضغط على الجرس، قررت فجأة تغيير خطتها، فعادت إلى سيارتها وطلبت من صديقتها «مارسيل» الانصراف، ودخلت إلى الجراج، وفيه سيارة «كاديلاك» الخاصة بـ«أنور» وكانت مفتوحة، فدخلت إليها وجلست في المقعد الأمامي مقررة انتظار نزول «أنور» الذي كان لا يبيت خارج بيته مع «ليلى».
وفي الساعة الثالثة صباحا، نزل «أنور» وهو يتضاحك مع «لوسيت»، وما إن اقتربا من السيارة حتى زلزلته المفاجأة، وهبطت «ليلى» من السيارة، تحدثت مع لـ«لوسيت» بالفرنسية: «أنا آسفة يا مدام أو مودموزيل، لكن أنا زوجته»، ويصف صالح مرسي هذا المشهد بـ«المروع»، حيث وقف «أنور» مذهولا لا يعرف ماذا يقول، وراحت الفتاة الفرنسية تتلفت يمينا وشمالا، تنظر إلى «أنور» تارة، و«ليلى» تارة أخرى، وابتسمت «ليلى» قائلة: «حانفضل واقفين كده ما تتفضلوا بالركوب»، وركب الجميع، وانطلقت السيارة وفيها الثلاثة، «ليلى» و«أنور» و«لوسيت».
وكما يقول صالح مرسي في كتابه «ليلى مراد»، داخل السيارة كانت «ليلى» تتحدث بلا توقف، تحدثت مع «لوسيت» عن باريس، وعن فينسيا، وعن كان، والكازينو العالمي الشهير، ثم التفتت إلى «لوسيت» قائلة لها: «أرجو أن يكون بلدنا عجبك»، ولما وصل الجميع إلى عمارة «الإيموبليا»، صافحت «ليلى» «لوسيت» بحرارة، ثم أمرت السائق أن يعود بها إلى الشقة التي أتت منها.
صعد «أنور وليلى» إلى شقتهما، وترقب «أنور» ماذا ستقول له، لكنه فوجئ بها لا تفتح فمها، بل كانت المفاجأة الكبرى أنها دخلت إلى غرفة النوم، قائلة: «تصبح على الخير»، وكانت الساعة الرابعة صباحا، عندما كانت «ليلى» تجمع مع وصيفتها محتوياتها الخاصة، وهو يجلس في حجرة المكتب يفكر، وهي انتهت من جمع كل ما يخصها، وهو لا يعرف متى ستنطلق، نامت ساعتين أو ثلاثة بعد أن أنهت مهمتها بجمع كل متعلقاتها، كانت اتخذت قرارها النهائي بالانفصال، لكنها كانت تتفنن في كيفية إخراجه، بالطريقة التي تحفظ لها كرامتها، وترد لها اعتبارها، وتعوضها كل لحظة رومانسية عاشتها معه، ولم يحسن هو استقبالها.
استيقظت «ليلى» في السابعة صباحا، ارتدت ملابسها وجهزت حقائبها، ويقول صالح مرسي: عندما فتحت باب غرفتها كان «أنور» لا يزال جالسا كما هو فوق مقعده منذ عودتهما سويا دون نوم، وقالت: «أنا ماشية يا أنور»، التفت إليها مذهولا وعادت تقول له: «على فكرة أنا مش زعلانة منك، بالعكس، أنا فرحانة جدا»، ورد: «عاوزة تقولى إيه؟، فيه واحدة تفرح لما تضبط جوزها مع واحدة تانية؟»، وردت: «أصل الناس كانوا دايما يقولوا لي أنى اتجوزت واحد مالوش قلب، ما يعرفش يحب غير الفلوس، لكن أنا كنت بقول إن لك قلب، وطلعت أنا صح»، ورد: «إنت فاكرة نفسك مين؟ شكسبير؟»، وردت: «ولا شكسبير ولا حاجة، أنا بقول لك اللي أنا حاسة بيه، أشوف وشك بخير»، وخرجت «ليلى» وهى تودع قصتها الغرامية مع «أنور»، بعد زواج دام 7 سنوات أذاقها فيهم الويلات، فقال البعض إنه كان يوهمها أنها لا تنجب.