بدأت مسيرتها في الرقص والغناء والتمثيل، وهي ما زالت في سن صغيرة، واكتشفتها الراقصة المصرية بديعة مصابني. إنها أيقونة الرقص الشرقي الفنانة تحية كاريوكا التي ولدت في 22 فبراير عام 1915 بمحافظة الإسماعيلية في مصر، واسمها الحقيقي «بدوية تحية محمد علي النيداني كريم».
سافرت تحية في سن الطفولة، إلى القاهرة هربًا من تعذيب أخيها وتعرفت على الراقصة سعاد محاسن ثم ذهبت إلى بديعة مصابني بعد سفر الراقصة سعاد محاسن إلى الشام؛ وانضمت إلى فرقتها عام 1935 وبعد ذلك توجهت إلى السينما والمسرح بمساعدة سليمان باشا نجيب الذي قام بمساعدتها وتنميتها ثقافيًا وسياسيًا. بدأت شهرة الفنانة تحية كاريوكا الحقيقية عام 1940 عندما قدمت رقصة الكاريوكا العالمية في أحد عروض فرقه بديعة مصابني وهي الرقصة التي التصقت بها بعد ذلك حتى أنها لازمت اسمها. وكانت شهرتها سبب في طلاق أختها فاطمة من زوجها علي الجداوي.
شاركت الفنانة والراقصة تحية كاريوكا، في الكثير من الأعمال السينمائية في خمسينيات القرن الماضي، منها أفلام: “لعبة الست، شباب امرأة، خلي بالك من زوزو، أم العروسة، وداعا بونابرت، السقا مات”. وفي المسرح شاركت “كاريوكا” في مسرحيات عديدة مع الفنان إسماعيل يس، وبعدها أسست فرقتها المسرحية مع زوجها الفنان فايز حلاوة.
وعرف عن الراقصة تحية كاريوكا أنها سريعة الوقوع في الحب؛ الأمر الذي جعلها تتزوج 17 مرة، وكانت أول زيجة لها من الفنان رشدي أباظة، والزوجة الأولى في حياة الدنجوان، حسبما ذكرت في حوار سابق لها، مع الإعلامية سوزان حسن. وفي لقاء لها مع الإعلامية لميس الحديدي ببرنامج “هنا العاصمة” عبر قناة cbc في اكتوبر عام 2017، قالت الفنانة الراحلة، رجاء الجداوي، عن زيجات خالتها تحية كاريوكا: “كانت لما بتتجوز بتحب أوي، وتنصهر في زوجها أوي، في كل زيجاتها الـ17”.
سبب عدم إنجابها وكشفت الجداوي سبب عدم إنجاب تحية كاريوكا رغم تعدد زيجاتها، قائلةً: “الفن أخدها كتير، وأكيد كان نفسها تخلف، وتحديدا من رشدي أباظة، كان نفسها تخلف منه جدا، لأنهم كانوا ثنائي مميز جدا”.
اعتزالها ولقائها بالشعروي وأعتزلت تحية كاريوكا، الفن في السنوات الأخيرة من عمرها، وابتعدت عن الوسط الفني والاضواء، وحرصت على أداء فريضة الحج.
وأثناء أدائها لمناسك الحج لمحت الشيخ محمد متولي الشعراوي، وشقت طريقها للوصول إليه بين الزحام، وعرفته بنفسها وكان شكلها قد تغير بعد ارتدائها الحجاب. الشعراوي قال لها ممازحا: “لو كنت تعرفت عليكِ كنت أتيت إليك رأسًا وليس رقصًا”، ودعا لها بالهداية والاستجابة لدعائها، واتفقا على أن تتصل به كلما احتاجت إلى المشورة والنصيحة.
وتوطت علاقة الفنانة والراقصة الراحلة تحية كاريوكا، بالشيخ الشعراوى بعد لقائهما الأول في مكة المكرمة، وأصبحت على المستوى العائلي، فقد كانت تزوره وتطلب منه النصح في الكثير من أمورها. وفي صباح أحد الأيام فوجئت تحية بطفلة رضيعة ملفوفة وملقاة على الأرض أمام باب منزلها، فطلبت من الشعراوي المشورة، فأشار عليها بأن تأخذها وتقوم على تربيتها، قائلا لها: “خذيها فهذه عطية من الله لكِ”.
تحية كاريوكا عملت بمشورته وأخذت الطفلة وأطلقت عليها اسم “عطية”، وقرب رحيلها عهدت بتربيتها إلى الفنانة والراقصة فيفي عبده، وهذا ما حدث ومازالت “عطية” إلى الآن في رعاية فيفي عبده. الزوج الأخير في حياة تحية كاريوكا كان الفنان فايز حلاوة، الذي تزوج عليها من أخرى وهي الاعلامية فريال صالح، ولم يكتف بذلك، بل طرد تحية من شقتها، ولم تجد مأوى لها سوى شقة خصصتها لها إحدى الأميرات الكويتيات بسعي من الفنانة الراحلة فاتن حمامة.
تحية استنجدت بالشيخ الشعراوي فأمر أحد المحامين برفع دعوى قضائية لتمكينها من شقتها ولكنه فوجئ برد كاريوكا قائلة: “طليقي رجل كبير في السن وليس له مأوى آخر، وحرام يتبهدل وهو في أواخر أيامه هو وزوجته وابنته”، ورفضت أن يستمر الشعراوي في إجراءاته القانونية. الشعراوي بكى من موقف تحية، وقال لها: “أبكيتيني يا تحية وأصبحت أغار منك”، فقالت له: “تغار مني أنا يا مولانا”، فرد قائلا: “نعم بدأتي يبقى ليك قصور في الجنة يا تحية”.