منذ فترة أتحاشى الكتابة عن بنك الكريمي، أكبر مؤسسة تحويلات في البلاد، لكن كلما احتاج الناس وكثر فقرهم استغلهم الكريمي لأسباب لا تهم أحدا، وها هي تتكاثر كالجراد المنتشر، وذلك ما استدعى أن أكتب.

تفتح حساب في الكريمي وتودع مالك في بنكه، وبدلا من تقديرك وتقديم المزيد من الخدمات المجانية لك يقوم بسحب مبلغ شهري دون درايتك كرسوم، وكذلك إن أودعت إلى حسابك من فرع غير الذي فتحت حسابك فيه فرض عليك رسوم مهولة، كذلك كانت رسوم التحويل من هاتفك إلى حساب آخر 100ريال، ليستغل الكريمي الوضع ويرفعها إلى 150 ريالا دون أي سبب أو مراقب أو مدافع عن المشتركين الذين جلهم من البسطاء..

إلى جانب ذلك يمارس بنك الكريمي كل احتياطاته التي لا تجعله يخسر ريالا يمنيا واحدا وهو بنك هائل، بينما لا يأبه في تعامله مع المواطن البسيط الذي يخسر أحيانا كامل حوالته بسبب تعاملات تافهة واحتياطات حمقاء..

وهذا بحد ذاته استغلال يمارسه البنك لأنه الأوحد في اليمن الذي يوفر بعض الخدمات غير الموجودة رغم رداءتها.

لم تتوقف الشكوى على الكريمي عند المشتركين فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى الموظفين، فالبنك يتعامل مع الموظف أشد من تعامل القروي مع الحمار، فلا تهم الكريمي صحة موظفه أو ظروفه كإنسان، بل إن الدوام والعمل بكل شراسة هو ما يهم الكريمي فقط..

أحد الأصدقاء موظف في بنك الكريمي يعاني من مرض ما ولديه ما يثبت، أخذ إجازة ليوم بعد صراع كبير من أجل الذهاب برضيعه إلى المستشفى، لكن إدارة الكريمي اتصلت به وأنزلت عليه جم غضبها وأمرته بالحضور ومطالبة أحد العملاء بدفع قسطه، رغم أن موعد سداد القسط هو نفس هذا اليوم الذي سينتهي في تمام الساعة السابعة مساء في نظام الكريمي، لكنهم لا يأبهون، فالمرض مرض والطباع طباع.

كرر صديقنا إخبارهم أنه في مهمة إسعاف رضيعه الذي يعاني من المرض، وتحدث كثيرا أنه أخذ إجازة بذلك،  لكن الوضع رغم إنسانيته لم يشفع، فمال الكريمي الذي لا يتجاوز بضعة آلاف وسخة، أغلى وأثمن وأهم من حياة وصحة ذاكم الطفل المرمي في أطراف إحدى مستشفيات العاصمة في حضن أمه الصابرة المنتظرة لزوجها الذي يتلقى الاتصالات المتضجرة المملؤة بعبارات النباح والصياح والوعيد.

تروا لو أن ابن الكريمي الرضيع يعاني من شبه حمى لا سمح الله، كيف سينتشل معظم الموظفين وسيذهبون لإسعافه؟ وبالتالي ما الفرق بينه وبين رضيع صديقي القادم من الأحياء الغربية للبلاد التي علمت أبناءها أن لا يتوقفوا عن أداء أعمالهم إلا للطارئ الأشد!

فهل يمارس الكريمي ابتزاز موظفيه كون البلاد أوضاعها لا تسمح لهم بالحصول على فرصة عمل، هل تحول بنك الكريمي إلى مسلخ بشري يخرج أسوأ ما فيه على موظفيه مقابل "قروش" و"بقش" لا تكفي حتى لإيجار المنزل؟

لا أنكر ومعي كثيرون الخدمات التي يقدمها الكريمي رغم التقصير الكبير فيها _فمظعم كبائن سحب المال فارغة ومعطلة وخارجة عن الخدمة معظم الوقت في معظم المحافظات _ إلا إن العدل مطلوب، وإ ن كانت هناك ضغوطات ومصروفات يقدمها الكريمي من أجل استمراره خارج إرادته، فبنكه ومؤسسته أكبر من أن يُخرج ذلك من ظهور المواطنين والموظفين.

قطرة من بحر ما في المداد.