تعميم وزارة الخارجية التي أقرت فيه إستئناف العمل بالفقرة ج من المادة 18 من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي والتي تنص على تحمل الجهات الأصلية إستحقاقات الملحقون الفنيون التابعين لها من رواتب وعلاوات وغيرها من بدلات ، ويبدو أن هذا التعميم جاء بعد مقالي قبل الأخير الذي قلت فيه مقترح بإستحداث ملحقيات لكل الوزارات على جميع سفاراتنا في كل دول العالم ، مع العلم انني كنت أسخر من تخمة الحكومة فأخذتها وزارة الخارجية على محمل جد فسارعت بالتعميم قبل أن تتحول سخريتي إلى حقيقة واقعة .

   طالما وأننا وصلنا لمرحلة الجدية بعد السخرية فيما يتعلق بإستحقاقات جيش الموظفين في حكومتنا الموقرة ، وكانت أول الوزارات وزارة الخارجية التي خطت هذه الخطوة في تقليص نفقاتها وتحجيم ميزانيتها فلابد علينا أن نساهم ولو ببعض المقترحات ، ومن ظمن هذه المقترحات هو عدم قبول وزارة الخارجية في جميع سفاراتنا لأي ملحقية لم ينص عليها قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي ، بالإضافة إلى إلغاء أي وظيفة أُستُحدِثَت في وزارة الخارجية لمجاملة فلانة أو فلان من الناس سواءاً في ديوان وزارة الخارجية أو في سفارات اليمن في جميع دول العالم وفي جميع الكواكب السيارة .

    الخطوة الثانية التي لابد أن يخطوها وزير الخارجية حتى ينال لقب (رجل دولة) هي فتح تحقيق بموضوع مهم جداً جداً ألا وهو صرف الجوازات الدبلوماسية بغير وجه حق ، لاسيما الستة آلاف جواز دبلوماسي وخاص التي صرفت خلال ثلاثة أشهر قضاها وزير الخارجية السابق في محادثات الكويت ، وهذه المعلومات لم نتحصل عليها من وسائل التواصل الإجتماعي بل كانت مصادرها من ديوان وزارة الخارجية ، وكانت الستة آلاف جواز مابين بيع ومجاملات ومحسوبيات ، حتى تحولت جوازات اليمن الدبلوماسية مثار للسخرية وأصبحت مرفوضة وبلا قيمة في بعض دول العالم .

 ولتحري الدقة وإخلاء مسؤوليتنا سنؤكد بأننا لا نعلم هل هذا الكم الهائل من الجوازات الدبلوماسية والخاصة صُرِفَت من وزارة الخارجية للشرعية أم لمليشيا الإنقلاب أو انها توزعت النسب بين الوزارتين ، على العموم بفتح التحقيق ستتجلى الحقيقة كاملاً ، ويا حبذا لو تسارع الخارجية بسحب كل الجوازات الدبلوماسية والخاصة التي لا تحمل صفة رسمية أو سبب صرف الجواز ، وأؤكد بأن وزير الخارجية السابق بريء براءة الذئب من دم إبن يعقوب في صرف هذه الجوازات ، ومصادرنا تقول بأن موقفه الصارم من هذا الموضوع بالإضافة إلى موقفه المسؤول من التجاوزات المالية والإدارية التي حصلت أثناء غيابه كانت سبب إقالته بعد التقارير الكيدية التي رفعت ضده .

     نعود لموضوع تعميم وزارة الخارجية .. نستطيع القول بأن وزارة الخارجية كان لها كامل الحق في تعميمها ، فقانون السلك الدبلوماسي والقنصلي أشار إلى أن مجلس الوزراء هو الجهة الرسمية التي تملك الأحقية في إستحداث أي ملحقية أو إلغائها ، أما الملحقيات السابقة المعتمدة في القانون هي الملحقية الإعلامية + الثقافية + العسكرية + التجارية والإقتصادية ، مع العلم أن تلك الملحقيات ليست بالضرورة تكون في جميع سفاراتنا بالخارج بل حسب ماتقتضيه الضرورة ، ومثال على ذلك سفارتنا في بوركينا فاسو فليس من المعقول أن يمثلنا فيها ملحق عسكري أو غيره من الملحقيات .

   هناك الكثير من المواد التي سنها قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي وكان قانون صارم من الصعب تجاوزه في زمن النظام الفاسد السابق ، وقد حدد القانون مسؤوليات كل وزارة ناحية ملحقياتها إدارياً ومالياً ، وبما أن هناك إنقلاب وحرب وأزمة ومؤامرات وأحزاب وحكومة في المنفى وغياب المؤسسات الرقابية ومكافحة الفساد إستغل المسؤولين من ضعاف النفوس هذه الأوضاع وأتخموا الحكومة بهذا الكم الهائل من الوظائف ، وليتها ذهبت لمستحقيها الأكاديميين من ذوي الشهادات إنما الباطل أنها ذهب معظمها للسفهاء والجهلة ولبائعي الساعات والجوالات ولسائقي سيارات الأجرة ولأصحاب المطاعم ولبائعات الهوى ، ولنا وقفة اخرى في هذا الشأن وسنعري كل مسؤول خان أمانة فخامة رئيس الجمهورية الوالد عبدربه منصور هادي وتلاعب في الوظيفة العامة فنحن لهم بالمرصاد ، وكما قال المثل : خليها تحبل بربح .

علي هيثم الميسري