من المعروف أن مصطلح الإدمان يرتبط دائما بتعاطي المخدرات أو تلك المواد الغير مسموح باستخدامها قانونياً لأنها تؤثر سلبياً على الحالة العقلية والوجدانية للشخص وتجعله أسيراً لها مثل مادة الأفيون ومشتقاتها والهيرويين والحشيش والخمور والحبوب المخدره أو المنشطة وما إلى ذلك ،وبمرور الوقت يعتمد الشخص على أي من هذه المواد إعتمادا كلياً يتجاوز مرحلة التعود وفي النهاية يصبح الشخص مدمناً عليها ولا يستطيع التوقف عن تكرار تعاطيها لتأثيرها الشديد على الجسم والعقل والوجدان، كما أن التوقف المفاجيء عنها يؤدي لحدوث أعراض إنسحابية حادة خطيرة لدى الشخص ولا تزول هذه الأعراض إلا بتعاطي هذه المادة المخدرة مرة أخرى، وبذلك يصبح الشخص المدمن أسيراً لهذه المادة ويضطر لاستخدامها باستمرار.
قد لا يعلم الكثير من الناس أن هناك أموراً أخرى غير استخدام هذه المواد الكيميائية قد تؤثر على الحالة العقلية والعاطفية، وتؤدي أيضاً لما يشبه الإدمان عليها، يوضحها لنا الدكتور: عزت عبدالعظيم استشاري الطب النفسي بمستشفى الحمادي بالرياض منها مثلاً: إدمان لعب القمار والمراهنات، وإدمان الألعاب الإلكترونية، كالبلايستيشن، وإدمان الإنترنت، ومواقع التواصل الإجتماعي مثل: الفيس، والواتس اب، والانستجرام، وتويتر وغيرهم والذي يستنزف الكثير من الوقت لدى الكثير من الناس أو إدمان مشاهدة أفلام العنف، أو البورنو، وما إلى ذلك من إدمان أمور ليست مواد مخدرة.
إن مثل هذه الأنواع من الإدمان قد لا ينتبه إليها كثير من الأهل ولايعيروها كثيراً من الإهتمام حيث يبدو ظاهرياً أن الإستمرارية عليها ليس له قيمة كبيرة عند الكثير من الناس مقارنة بتعاطي الأنواع الأخرى من المخدرات ولكنها في حقيقة الأمر لا تقل في خطورتها عن تعاطي المواد المخدره بل وتعتبر في غاية الخطوره عنها لأنها تأسر الشخص في دوامة من الإدمان الصعب وتضيّع عليه الكثير من الوقت ولا يستطيع مواصلة عملية الدراسه بنجاح مع إصابة الشخص بحالة إنعزالية وانطوائية علاوة على ضياع الكثير من المال أيضاً من خلال عملية إبتزاز خادعة.
إن الإدمان على مثل هذه الأمور ربما يكمن وراءه أمراض نفسية منها: اندفاعات الوسواس القهري أو أحد الإضطرابات الوجدانيه الإنفعاليه التي يصاحبها حالات تقلب مزاجي أو بعض إضطرابات الشخصيه وكلها قد تتداخل مع بعضها وتؤدي إلى حالة من القلق النفسي والتوتر الدائم مع إصابة الشخص بالإكتئاب وصعوبة في التوقف عن ممارسة هذه الأفعال تماماً مثل الإدمان على المواد المخدرة.
إن عملية التخلص من هذه النوعية من حالات الإدمان وعلاجها يحتاج لتكاتف كبير وتعاون تام بين الأهل والمجتمع وخصوصاً من جانب الأطباء النفسيين وعلماء الإجتماع وعلماء النفس لمساعدة الشخص المدمن على هذه النوعية من الأفعال وللوقوف على أسباب هذه المشكلة ومحاولة علاجها مع عمل نوع من التوعية للناس والتنبيه على خطورتها الشديدة على الإستقرار النفسي والإجتماعي لأي مجتمع وخصوصاً لدى الشباب بالذات الذي قد يدمر هذا النوع من الإدمان الكثير منهم دراسياً.
إن الوقاية والعلاج المبكر من الإدمان على المخدرات التقليدية أو الإدمان على مثل هذه الأشياء أمر مهم جداً من خلال برامج التوعية الهادفة واكتشاف الأهل مبكراً لهذه النوعيات من الإدمان واللجوء للمساعدة النفسية لفهم دوافع وعوامل إدمان هذه الأمور مع الوصول للتشخيص الصحيح للإضطراب النفسي الذي أدى لهذه الحالة الإدمانية وبالتالي يمكن وضع البرنامج العلاجي المناسب لكل حالة حتي يتم التخلص من مثل هذه المشاكل النفسية والسلوكية سواء كان العلاج دوائياً أو سلوكياً ليصبح الشخص بعد ذلك سوياً بإذن الله.