تمكن فريق بحثي دولي من أستراليا وأميركا وكندا والدانمارك، من التقاط صورة لحالة كونية نادرة جدا تتمثل في نوع من المجرات الحلقية جرت العادة على تسميتها بـ"حلقة النار الكونية"، مما قد يساهم في تحقيق فهم أفضل لتطور المجرات في فترة مبكرة جدا من تاريخ الكون، بعد حوالي ثلاثة مليارات سنة فقط من نشوئه.
(عينا كيك الثاقبتان)
وللوصول إلى النتيجة السابقة، استخدم الفريق البحثي تلسكوبي "مرصد كيك" اللذين يقعان على ارتفاع حوالي أربعة كيلومترات على قمة ماونا كيا في ولاية هاواي الأميركية، وقطر مرآة كل منهما يبلغ 10 أمتار، مما يجعلهما أكبر تلسكوبين بصريين في العالم. وإلى جانب البيانات الصادرة من تلسكوبي "مرصد كيك"، استخدم الفريق البحثي صورا من التلسكوب هابل لتأكيد نتائجهم عن الشكل النهائي للمجرة الحلقية الجديدة التي سميت "آر5519" (R5519). وبحسب الدراسة الخاصة بهذا الكشف، والتي نشرت في دورية "نيتشر أسترونومي" يوم 24 مايو/أيار الجاري، فإن المجرة الجديدة تبعد عنا حوالي 11 مليار سنة ضوئية، وقطر الفجوة في حلقتها يساوي ملياري مرة المسافة بين الأرض والشمس. كذلك أشارت النتائج إلى أن معدلات تكوّن النجوم الجديدة في هذه المجرة أعلى 50 مرة من معدلات تكونها في مجرتنا درب التبانة، وهذا أمر مفهوم لأن المجرات في بداية الكون كانت أكثر نشاطا منها الآن.
(سر الحلقات الكونية)
وتنبع أهمية الدراسة الجديدة من ملاحظة أن هذا النوع النادر من المجرات -ويسمى المجرات الحلقية الاصطدامية (collisional ring galaxy)- تكوّن بسبب اصطدام مجرات سابقة لها، كانت ذات حلقات رقيقة تشبه تلك الخاصة بمجرتنا درب التبانة. يعني ذلك بالتبعية أنه أمكن لهذا النوع من الطبقات المجرية الرقيقة أن تتكون في فترة أبكر مما تصور العلماء سابقا. فمجرة درب التبانة مثلا تكونت طبقاتها الأولى قبل 9 مليارات سنة فقط، وبالتالي فإن هذا الكشف يعدّل من النماذج الفيزيائية المعروفة حاليا. ورغم كل ما نعرفه إلى الآن عن المجرات الحلقية، فإنها ما زالت من الأسرار المحيرة في علم الكونيات. في الواقع، لقد اكتشف الباحثون في هذا النطاق الكثير منها حولنا، مثل مجرة "هوج" الشهيرة، وكذلك مجرة "الشراع" ومجرة "عجلة العربة"، لكنها مجرات حديثة، إذ من النادر جدا أن نرصد هذا النوع من المجرات في الكون المبكر. ويأمل هذا الفريق البحثي الدولي أن تساهم البيانات الجديدة في تطوير فهمنا لكيفية نشأة المجرات منذ بداية الكون، مما سيحسن بالتبعية معرفتنا بتاريخ مجرتنا الدافئة، درب التبانة.