كشفت دراسة تحليلية جديدة أصدرها مركز المخا للدراسات الاستراتيجية عن مخطط ممنهج لجماعة الحوثيين يهدف إلى إعادة إحياء الإمامة الزيدية الجارودية المتطرفة وتغيير الهوية الوطنية اليمنية، مستغلين الدين والسياسة والتعليم لتحقيق ذلك.
الدراسة التي جاءت بعنوان "مشروع الحوثيين لإحياء الإمامة وتغيير الهوية: قراءة سياسية في خمس وثائق حوثية"، اعتمدت على تحليل خمس وثائق حوثية رسمية: الوثيقة الفكرية والثقافية، ووثيقة الشرف القبلية، والرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، ومدوّنة السلوك الوظيفي، وورقة التعليم في اليمن. وقدمت الدراسة تحليلًا تفصيليًا لكل وثيقة، مبرزة أهدافها وأبعادها ومخاطرها.
وتوصلت الدراسة إلى جملة من الحقائق الهامة، أبرزها أن جماعة الحوثي هي تنظيم مسلح ذو أيديولوجية دينية سياسية متطرفة، تنتمي إلى المذهب الزيدي الجارودي، وتؤمن بنظرية الولاية والاصطفاء، وتدّعي الانتساب إلى "آل البيت". وتعتبر التكفير والطعن في الصحابة وأخذ الخمس حقًا حصريًا للسلالة الهاشمية.
وأوضحت الدراسة أن نظرية الإمامة الجارودية الزيدية تشكل جوهر الفكر السياسي لجماعة الحوثي، حيث يرون في أنفسهم الورثة الشرعيين للإمامة، بدءًا من علي بن أبي طالب وصولًا إلى عبد الملك الحوثي في القرن الحادي والعشرين.
وتسعى الجماعة إلى فرض "الهوية الإيمانية" كبديل للهوية الوطنية اليمنية، من خلال إدخالها ضمن المرجعيات العليا للدولة وإلغاء بقية المرجعيات، بما في ذلك الدستور ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
لم تحدد الوثائق الحوثية ملامح واضحة للنظام السياسي الذي يسعون إليه، واكتفت بتأكيد "الولاية" كأصل للحكم وتجاهلت مسألة انتخاب رئيس الجمهورية، مما يشير إلى رغبتهم في تكريس حكم "قائد الثورة" كسلطة مطلقة.
وبينت الدراسة أن الوثائق الحوثية تُظهر تقاربًا واضحًا مع المذهب الشيعي الإمامي الاثنا عشري، خاصة فيما يتعلق بنظرية الإمامة، مما يُشير إلى سعيهم لخلق دولة شيعية في اليمن.
فيما يتعلق بالتعليم، ترى الدراسة أن السياسة التعليمية الحوثية تهدف إلى غسل أدمغة الأجيال القادمة ونشر أفكار الجماعة، وتكريس "الهوية الإيمانية" كمنهج حياة.
وفي جانب سيطرة الجماعة على الدولة، عمل الحوثيون على تجريف مؤسسات الدولة اليمنية وهويتها الوطنية، وخلقوا كيانات موازية تابعة لهم، في إطار مخططهم لبناء دولة طائفية على أنقاض الدولة الجمهورية.
وحذرت الدراسة من مخاطر مشروع الحوثيين على مستقبل اليمن ووحدته الوطنية، ودعت إلى توحيد الجهود لمواجهة هذا المخطط الخبيث.
وتُعد هذه الدراسة وثيقة مهمة تساهم في فهم طبيعة مشروع الحوثيين وأهدافهم الحقيقية، مما يمكن من اتخاذ خطوات فعالة لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي يهدد اليمن والمنطقة.