تكشفت في مدينة تعز، ظاهرة خطيرة وغير مسبوقة، بدأت تثير قلق ملايين المواطنين من اهالي تعز داخل المدينة وخارجها، لدرجة استدعت تنفيذ تحقيق واسع بشأنها، اكدت نتائجه خطر الظاهرة وتناميها بوتيرة متسارعة.
جاء هذا في تحقيق استقصائي، عن ظاهرة تخلي بعض الأسر في تعز عن الاطفال الرضع خلال سنوات الحرب، جراء تداعيات الاخيرة على الظروف العامة للبلاد والاوضاع الاقتصادية والمعيشية لعامة المواطنين اليمنيين.
وخلص تحقيق قناة "بلقيس" إلى أنه "في الآونة الأخيرة، شهدت مدينة تعز، الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية والأكبر كثافة سكانية وفقراً وبطالة وغلاء وتردياً ومعاناة، توسعا ملحوظا لظاهرة التخلّي عن الأطفال الرُّضع من قِبل أسرهم".
موضحا أن بعض الاسر في تعز تتخلى عن اطفالها الرضع و"تلقي بهم خلسة في الشوارع، وتتركهم يواجهون مصيرهم، أو يجدون من يتبنَّاهم ويوفِّر لهم احتياجاتهم، التي ربُّما عجزت عن توفيرها". حسب تأكيد التحقيق الاستقصائي.
التحقيق المنشور على الموقع الالكتروني لقناة "بلقيس"، أفاد بأن "مسؤولين وناشطين أرجعوا ذلك إلى التداعيات الكارثية للحرب والحصار المطبق على المدينة من قِبل مليشيا الحوثيين، منذ العام 2015، فضلاً عن عوامل أخرى".
ونوه بأنه "وخلال العام 2022، بلغ عدد الحالات، التي وصلت إلى مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل في محافظة تعز، إلى 5 تقريباً" نقلا عن مصدر مسؤول في مكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بمحافظة تعز، لم يسمّه.
مضيفا: إن المصدر المسؤول ذكر أن "جميع الأطفال تمت إحالتهم من قِبل مديرة إدارة المرأة والطفل إلى الأسر البديلة"، ولفت إلى أن "الحالات، التي يتلقاها المكتب، قليلة في الوقت الذي يتم التعامل مع الأطفال ممن عثروا عليهم".
التحقيق اوضح ان المصدر أكد أن "عدد الأطفال الرضع الذين تخلت عنهم أسرهم، تزايد عن السابق"، وأرجع ذلك إلى "صعوبة الزواج، وتوفير تكاليفه، وعدم القدرة على تحمُّل أعباء الأسرة، وتدهور الوضع الأمني، والتقليد الأعمى، وغيره".
ونقل عن مديرة مركز الطفولة الآمنة التابع لمكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في محافظة تعز، ثريا الشميري، قولها: "عدد الحالات المبلَّغ عنها قليلة جداً في حين يتم البت في الحالات الأخرى بعيداً عن الجهات المعنية".
كما نقل التحقيق عن قائمة بأعمال رئيسة اتحاد نساء اليمن في تعز، صباح راجح، قولها: "إن الظاهرة انتشرت في الآونة الاخيرة بشكل كبير، والأمر لا يتوقف عند الطفلين اللذين عُثر عليهما في يناير الماضي، فالعدد يفوق ذلك بكثير".
مضيفة: إنه "يتم رمي الأطفال الرُّضع في الشوارع، وأمام المستشفيات والجوامع والمنازل؛ إما لكونهم غير شرعيين، أو لأسباب أخرى، بينها غياب الاهتمام المجتمعي، وعدم تفرُّغ الناس لمتابعة مثل هذه القضايا". حسب تعبيرها.
ومضت تسرد جملة من اسباب "تنامي الظاهرة" بقولها: إن "الأمن غير مستتب، والمدينة محاصرة، ويستطيع الناس التخفي فيها، والوازع الديني ضعيف، ومتابعة الأسر خفَّت وتأثرت بالأوضاع الاقتصادية المتردية". وفقا للتحقيق.
مشيرا إلى أن صباح راجح، ترأس مركز إيواء رسمياً؛ مهمَّته الرئيسية استقبال الأمهات مع أطفالهن وتقديم الدعم "ومع ذلك يستقبل الأطفال الرُّضع (اللقطاء) الذين يتم إحالتهم إلى المركز من النيابة العامة؛ للتحفظ عليهم" كما تقول.
ولفت إلى أنه "في العاشر من يناير الماضي، عَثر مواطنون على طفل رضيع -مجهول الاسم- في شارع العواضي بوسط مدينة تعز. ويذكر المواطن رأفت عبدالله (32 عاماً) أنهم وجدوا الطفل بصحة جيدة، وملفوفا داخل ملابسه فقط".
موضحا أنه "لم نعثر بجانبه على وثيقة تحوي اسمه أو نسبه، وقام فاعل خير بتبنِّي الطفل، وأخذه إلى منزله". لكن الموقع لفت إلى أن "طفلا اخر قبل ذلك بيوم، لم يحالفه الحظ، ووجد مينا في برميل نفايات بأحد شوارع مستشفى الثورة".
يشار إلى أن ناشطين تداولوا على منصة التواصل (فيس بوك) صورا؛ قالوا إنها للطفلين، معتبرِين تخلِّي أسرهم عنهم جُرما ومؤشرا إلى غياب الضمير الإنساني، والحال المأساوية لمعظم الأسر، وطالبوا السلطات المحلية والحكومة الشرعية بالتدخل.