وسط ظروف الحرب وقهر المعاناة التي يكابدها اليمنيون، قرر إعلاميان شابان من سكان العاصمة اليمنية صنعاء التي لا تزال تئن تحت قمع ميليشيات الحوثي منذ أكثر من تسع سنوات، أن يخطا نموذجاً للكفاح النبيل لتأمين لقمة عيش نظيفة، حيث لجأ الشابان إلى شراء دراجة نارية أو ما تسمى "موتور" باللهجة اليمنية، ليستخدماها في نقل الركاب كمصدر دخل أساسي لهما.
مشاوير آمنة بخدمات VIP
ونشر الشابان على صفحاتهما على المنصات الاجتماعية أرقام هواتفهما مع كلمات مؤثرة مفادها نضمن لكم مشاوير آمنة بخدمات VIP، وتوصيل طلبات بأجر مناسب، في أي وقت، مع تبادل أحاديث في الشعر والأدب والفلسفة والحياة"، موجهين نداءات للمجتمع لمن يطلب وسيلة مواصلات سريعة للوصول إلى شؤونه اليومية مقابل أجرة بسيطة معتمدين بذلك على تأثيرهما الاجتماعي وحضورهما الأدبي والإعلامي، مقدمين دعاية ترويجية بخدمات شخصية يوفرانها على متندراجاتهما
التزام وثقة وتحد ضد الأوضاع الراهنة
الإعلاميان هما منير محمد العمري صحافي ومذيع وصانع محتوى، وعمر راشد طالب في كلية الإعلام بجامعة صنعاء، ووصف نشطاء الشابين بأنهما يستحقان الدعم والفخر لجرأتهما على استخدام أي وسيلة للعيش في ظل قيود الوضع الراهن التي تمر بها البلاد.
(موتور) دراجة نارية، ولا الوحيد الذي يبحث عن زبائن عبر صفحته في فيسبوك، فأنا أيضاً قررت أن أسلك نفس التجربة، وهذه دراجتي بإمكانها إيصالكم إلى أي وجهة تريدونها، وللعلم هي تفضل القيادة السريعة على الطريق، لذا ستكون مُناسِبةً للمستعجلين أصحاب المشاوير المهمة، أولئك الذين لا (يُساومون) ولا يسألون عن أجرة المشوار، فضلاً عن كون السائق عزيزي الزبون مؤهلا على أعلى مستوى وبكامل هندامه، وكما ترون في الصورة دراجتي النارية لا تمتلك مكبر صوت أو حتى جهاز (mb3)، لأنك في حال وجود زحام ستذهب معي في رحلة عبر الفن والشعر والأدب والفلسفة حتى مواضيع الميتافيزيقيا التي لا يتطرق لها خطباء الجمعة، صحيحٌ أنني أقوم بتصرفات غريبة أثناء القيادة مع العالم من حولي، وذلك كي أكسر رتابة المواضيع التي أناقشها غالباً مع نفسي، ولكي أخرج عن المألوف أيضاً".
الإعلام لا يؤكل عيشاً
ويرى عمر راشد الذي يدرس إعلام ويصنع محتوى على يوتيوب، أن الإعلام لا يؤكل عيشاً في البلاد، لهذا قرر أن يشتري موتوراً أو دراجة نارية من باب الكفاح والاجتهاد بطلب الرزق، ليجني لقمة يومه بعرق جبينه، معتبراً أن التعب والتجربة تصقل المرء وتطور مهاراته وتجعله رجلاً مسؤولاً وصاحب تجربة يعتمد عليه.
فيما وصف نشطاء الشاب منير محمد العمري بأن مذيعا لامعا مثقفا وموسوعيا قدم العديد من البرامج المهمة على شاشة قناتي "اللحظة" و"الإيمان" وغيرهما يتحول من منصة التلفزيون إلى العمل على دراجة نارية لكي يتمكن من تأمين الحد الأدنى من مستلزمات الحياة لأسرته.. إنها وصمة عار كبرى".
نظرية الشللية والواسطة والتطبيل
إلى ذلك، أثارت قصة الشابين وسائل التواصل في اليمن، وتعاطف مؤثرون وإعلاميون معهما، ولم يترددوا في الترويج لعملهما بدراجتهما النارية، مشيدين بأسلوب كفاحهما ورجولتهما في البحث عن مصدر رزق بشرف وكد، مشيرين إلى أن منير للأمانة إعلامي ومُتقن بارز رغم صغر سنه ولديه خلفية ممتازة في المجال الأدبي والشعري والتاريخ ومميز حتى في برامجه التي قدمها في عدة قنوات فضائية.
وتابعوا: "للأسف إعلامنا الحكومي والخاص يخضع لنظرية الشللية والواسطة والتطبيل". كما رفعوا هاشتاغات وشعارات داعمة ومتضامنة "ادعموا شبابنا الناجح وانشروا لهم وتعلموا منهما فن الكفاح والطريق إلى النجاح".