"ها أنا اليوم أجدني وقد تحولت من دكتور أكاديمي يحمل شهادة امتياز، إلى مساعد عامل بناء" .. "عذراً أولادي فهذا الذي استطعت أن اقدمه لكم لقمة عيش كريم ورزق حلال سقيته بعرق جبيني"، بهذه العبارات لخص الدكتور إياد المشرحي قصة معاناته في جامعة عدن، التي وبعد 17 عاماً من الانتداب بالمجان وامتلاكه دكتوراه بامتياز لم تشفع له للحصول على وظيفة، واضطراه الوضع المعيشي الصعب إلى ترك الجامعة والتحول إلى مساعد عامل بناء، يعمل بالأجر اليومي ليعيل أسرته.
وكتب الدكتور إياد المشرحي، رسالة مؤثرة نشرها عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي، حملت عنوان "حينما كان لي حلم"، يحكي فيها كيف تبخر حلمه، مجسدا أحد اقسى الأمثلة على وضع كثير من الكوادر الجنوبية ممن تم ويتم تهميشهم، في مختلف المجالات، والجامعات على وجه التحديد.
وقال الدكتور المشرحي : "كنت أحلم بأن أعيش في وطن يحترم المعلم، درست وتعلمت حتى حصلت على شهادة الدكتوراه في الأدب والنقد، وقدبنيت حلمي بأن أتعين في الجامعة، وذلك بعد انتداب لما يقارب الـــ 17 عام ونحن نعمل بنظام السخرة وبدون مقابل كنت أحلم بأن أوفر لي ولأسرتي عيشة كريمة، وقد تعزز هذا الحلم بعدما انتسبنا إلى الجمعية السكنية التابعة للجامعة وحصلنا على أرضية في مخطط عصل".
واضاف متحسرا : "ولكن وكما هي عادة هذا الوطن، وكما دأبت سياسة هوامير الفساد، وأباطرة البسط، بأن قاموا بالبسط على مخطط أراضي الجمعية السكنية، ليتلاشى حلم الحصول على الأرضية كما تلاشت سابقاتها من أحلام قرار التعيين في الجامعة، كنت قد بنيت حلماً على هذه الأرضية بأن أبني لأولادي بيتاً يقيهم حرارة الصيف وبرد الشتاء، ولكن وكما هي عادة هذا الوطن الذي يتبخر فيه كل أمل للنهوض، فقد تبخر الحلم وأصبح أثراً بعد عين".
وتابع في رسالته المؤثرة : "وها أنا اليوم أجدني وقد تحولت من دكتور أكاديمي يحمل شهادة امتياز في تخصص الأدب والنقد، إلى مساعد عامل بناء أعمل على نقل خلطة الأسمنت والأحجار للمعلم، تحولت من مناهج النقد البنيوية والأسلوبية ومعمارية النصوص إلى بنيوية البناء، وخلطة الأسمنت ومقاديرها النقدية في تناسب المواد، وها أنا في صباحات هذا الشتاء القارس أتأمل تقاسيم يدي وقد تشققت من لسعات البرد والأسمنت".
وختم رسالته بكلمات مؤثرة قال فيها : "نعم لم يبق لنا في هذا الوطن موطئ قدم، ولم يعد لأحلامنا فيه متسع كي تأوينا ، لأجد نفسي وقد سلكت أقرب الطرق كي أوفر لقمة عيش كريمة لأربعة أطفال.. عذراً أولادي فهذا الذي استطعت أن اقدمه، لكم لقمة عيش كريم ورزق حلال سقيته بعرق جبيني، ونفثت فيه أنفاسي في برد الشتاء القارس".
وتداول نشطاء عبر برامج التواصل الاجتماعي مقال الدكتور إياد المشرحي، باعتبارها مثال بسيط يجسد الوضع الكارثي الذي وصل إليه دكتور في جامعة عدن.
ودعوا الجهات المعنية في جامعة عدن إلى النظر بعين الاعتبار لهذا الكادر الأكاديمي وانصافه فهو يستحق أكثر من الوظيفة واستعادة الأرضية حقه، ويكفي أنه عمل لدى الجامعة 17 عاماً منتدب دون وظيفة وراتب.