تسعى مدينة خيبر السعودية التي يحمل اسمها دلالة دينية وتاريخية كبيرة، إلى تقديم نفسها موقعا سياحيا جاذبا، حيث شهدت قبل 14 قرنا معركة مصيرية بين المسلمين واليهود. تقع خيبر في واحة وسط صخور بركانية شمال المدينة المنورة، وكانت تقطنها قبائل يهودية هُزمت في معركة شهيرة في القرن السابع ميلادي خلال غزوة لجيش النبي محمد إبّان تمدّد الإٍسلام في شبه الجزيرة العربية.
ولا يزال شعار "خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود" يتردد حتى اليوم في المظاهرات المعادية لإسرائيل، وهو ما أثار استياء منظمات يهودية، ترى أنه يشكّل "تهديدا بالعنف المسلح".
والشهر الماضي، دشنت السعودية مركزا جديدا للزوار في خيبر يسلط الضوء على تاريخ المنطقة بشكل أوسع، ويشير إلى نصوص قديمة أتت على ذكرها، مثل غزوها على أيام الملك البابلي نبو نيد.
وبإمكان الزوار والسائحين التمتع بأنشطة مختلفة، بينها سلوك مسارات مشي طويلة وزيارة البراكين القريبة أو التنزه عبر الينابيع أو القيام بجولات بالمروحيات فوق المقابر القديمة.
ولا تذكر العروض المعركة الشهيرة التي دارت قبل نحو 14 قرنا.
ويأتي المشروع في إطار حملة تقوم بها المملكة التي بدأت في 2019 بإصدار تأشيرات سياحية، لجذب 30 مليون سائح من الخارج سنوياً بحلول عام 2030، أحد أعمدة رؤية 2030 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان الهادفة إلى تنويع الاقتصاد المرتهن بالنفط والانفتاح على العالم.
ونقلت وكالة "فرانس برسط عن المرشدة السياحية في خيبر، إيناس الشريف، أنه من المهم تسليط الضوء على تاريخ المنطقة بأكمله.
وأوضحت: "من المعروف أن خيبر لها علاقة قوية بالدين"، لكن للمدينة "أيضا علاقة قوية بالتاريخ والحضارة. جُمعت كل هذه الأشياء في مكان واحد، ما يجذب الكثير من السياح لهذا المكان".
ويقدّر علماء الآثار أن خيبر مأهولة بالسكان منذ أكثر من 200 ألف عام، وشكلت ذات يوم محطة حيوية على طول ما عرف بـ"طريق البخور" القديم لتجارة القوافل الذي يربطها بالمدينة المنورة في الجنوب، ومدينة العلا الصحراوية في الشمال.
ومنذ في سبعينيات القرن العشرين، بدأت الحكومة بدفع السكان لمغادرة المنشآت القديمة والانتقال إلى مبان جديدة تتوفر فيها خدمات مثل الكهرباء والصرف الصحي.
ويتذكر صيفي الشلالي الذي كان في العشرينات من عمره عندما غيّرت عائلته مكان سكنها، "أردنا بعض الحضارة والتنمية... فغادرنا".
ويوضح الرجل الستيني أن التحول السياحي يشكل "نقلة نوعية وأمراً كنا ننتظره منذ وقت طويل".
وكغيرها من المواقع السياحية الجاذبة في السعودية مثل مدينة العلا، يُنظر إلى خيبر على أنها موجهة بصورة خاصة للمسافرين المقتدرين.
ويستمر مشروع تنقيب أثري في الكشف عن تفاصيل جديدة حول الأنشطة البشرية في المنطقة وكيفية تطور مناخها أيضا.
ومن المتوقع أن يستمر المشروع المدعوم من الحكومة الفرنسية حتى نهاية 2024، وأسفر بالفعل عن فهم أعمق لمواقع التخييم من العصر الحجري الحديث وللأقنية والفن الصخري.
ومن بين الاكتشافات المثيرة للاهتمام، مقابر غريبة على شكل تكوينات صخرية تبدو عند النظر إليها من الأعلى أشبه بقلادة.
ويلف غموض أصل هذه المقابر بحسب مركز الزوار، لكن خبراء الآثار يعتقدون أنها ترجع إلى 5 آلاف عام.
المصدر: "أ ف ب"