كتب البرلمان احمد حاشد مقالا عن اتخاذ قرارات خطيرة بشان الاقتصاد اليمني. وجاء في المقال: قرارات خطيرة..!! سلطة صنعاء لا تهتم ولا تكترث بخطورة القرارات التي تتخذها وتنفذها، مهما بلغت تلك المخاطر من تدمير للاقتصاد، وتدمير للمؤسسات، ونسف ما بقي لنا من دولة وصالح عام.. هي لا تكترث ولا تفكر إلا بشهية مرعبة لكل ممكن وقع تحت يدها، وجني العوائد الفورية حتى تصحره، وتصيّره مفقرا أجردا مقفر، ثم تنتقل إلى البحث عن غيره؛ لتفعل الشيء ذاته.
سلطة صنعاء نفعية إلى حد فظيع، فهي لا تدرس المخاطر المحتملة لقراراتها على الشعب، ولا تمعن في قراءة تلك القرارات ومصدرها، ولا عن كلفتها الاقتصادية والاجتماعية الفادحة على المجتمع في المدى المنظور والبعيد، بل أكثر ما يهمها هو أنه سيعود عليها كجماعة بالمال الوفير، والثراء السريع، بعيدا عن حسابات الاستراتيجيات، والمصالح العليا للشعب.
الوكالة الممولة هي وكالة التنمية الامريكية، والتي كانت قد أعدّت مشروع تحديث المالية العامة بوزارة المالية بصنعاء، فيما الذراع الفني لها هي شركة "براجما" وتبدو هذه الأخيرة من خلال ملفها انها شركة "اسرائيلية".
واوردت وكالة التنمية الأمريكية في تقريرها، والمكون من ٤٧٠ صفحة انها ستقوم بتثبيت نظام في بنك عدن، واشارت الى ان النظام مثبت في صنعاء، ويمكن الاطلاع عليه كصفحة ويب وخاصة ان قاعدة البيانات من شركة "اوراكل".
وفي الوقت الذي أمتنعت حكومة "الإنقاذ" ووزير ماليتها ـ ومن خلفهما السلطة الخفية ـ من تقديم موازنتها السنوية لمجلس نواب صنعاء، وحجبها عن المواطن اليمني، ناهيك عن حساباتها الختامية السنوية لأكثر من سبع سنوات خلت، ذهبت السلطة لتغيير التقويم الميلادي بالتقويم الهجري، فيما تدّعي وتبرر الحكومة حجبها للموازنة بعدم تسريبها لدول العدوان، فيما الحقيقة هي حتى لا نراقب ولا نرى ولا يعرف شعبنا شيئا عن مهول فسادها، فيما الخارج يعرف كل ذلك أكثر مما تعرفه الحكومة نفسها.
هناك اجراء مالي يتم الأن، ويتمثل بتوجه وزارة المالية في صنعاء إلى نقل حسابات جهات الدولة إليها، وفتح حسابات لها في البنك المركزي، وكذا ادخال بيانات الجهات كاملة، بما فيها الوحدات الاقتصادية المستقلة التي تعد أهم الجهات الإيرادية للدولة، وادخالها في انظمة وزارة المالية تحت مبرر ضبط النفقات.
وزامن هذا الاجراء اجراء مشابه من وزارة مالية حكومة عدن بمبرر الموائمة بين النفقات والايرادات للجهات الحكومية، وهو هدف مشابه لهدف وزير مالية حكومة صنعاء.
فيما الحقيقة تقول وراء الأكمة ما وراءها ورد في بيان وزارة مالية عدن أن جهات دوليه منظمة للعملية، وهي الوكالة الامريكية للتنمية، وشركة "براجما".
وفي صنعاء يتم بتوجيه وزير المالية، وموافقة رئيس المجلس السياسي الاعلى.
ما يجري تنفيذه في صنعاء وعدن ليس صدفة، وهذا الايقاع المتسارع في صنعاء لما يسمى بالربط الشبكي، وإلحاق الوحدات الاقتصادية المستقلة ومركزتها بوزارة المالية، والمتعارضة مع القوانين السارية، والمنشئة لتلك الوحدات الاقتصادية المستقلة، لا تتم وفق أجندات وطنية، ولكن وفق رغبة ومصالح خارجية على حساب اليمن، وجغرافيته، وووحدته، ومستقبلة، وسلامة أراضيه.
هذا الإجراء في مجمله يستهدف الوحدة الوطنية في صميمها، والشامل للجوانب المالية والتشريعية والاقتصادية والاجتماعية وبما يعزز وجود كيانين انفصاليين في اليمن، ويبدو أن هذا يتم تحت رعاية إقليمية ودولية على الضد من مصلحة شعبنا.
عملية نقل حسابات وبيانات الجهات الحكومية لن تمثل فقط تقديم هدية على طبق جاهز لمن يبحث عنها، بل وتعرض تلك الجهات لخطورة الاختراق والسيطرة المعلوماتية المالية من الخارج.
لماذا لا يتم بناء قاعدة وشبكة بينات مالية وادارية وطنية بعيدا عن الانظمة التي وضعتها هذه الشريكات؟!! لماذا لا يكون هذا لليمن كلها في سياق واحد من أقصاها إلى أدناها، بعيدا عن السياسات الخطرة، والوكالات الدولية الممولة، والشريكات المشبوهة..؟!!
لماذا الموت لأمريكا الموت لإسرائيل، فيما يجري استحضارهما في كثير من تفاصيلنا وماليتنا واقتصادنا ورهن مستقبل شعبنا..؟!! السلطة الخفية هي التي تصنع القرارات الأهم، غير أننا لا يمكن معرفة أسماءها أو من يقف وراءها.. إنها سلطة تعمل في العتمة وبيدها القرار الأول.
تليها اللجنة الاقتصادية العليا التي لا نعرف اسماءها على وجه التحديد، ولا نعرف من عينها، وكيف جرى تعيينها، ولا يوجد قانون لإنشائها، ولكن بإمكانها أن تحل وتقرر وتضع السياسات وتفرضها على جميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والوحدات الاقتصادية المستقلة، وهي تتخذ قراراتها دون أن تدركها أي مسؤولية، ولا رقابة رسمية عليها، ولا يمكن محاسبتها عبر السلطات الثلاث المعروفة.
والغريب أن رئيس مجلس الوزراء المسؤول الأول في الحكومة ليس عضوا فيها. . واللجنة ليس لها وضع دستوري أو قانوني.
أما الشأن العسكري فهو على ما يبدو له أطره وتسلسله وهيكله التي نجهل كثيرا منه، أو لا نعرف عنه شيئا.
يبدو أن قرار إجراء الربط الشبكي، وتحكم وزارة المالية بمالية الوحدات الاقتصادية المستقلة، هو قرار لم نعرف قنوات اتخاذه ولم يتم اتخاذه في مجلس الوزراء أو مناقشته، وهو المعني الأول، أو الثاني بعد المجلس السياسي باتخاذه، وكل ما نعرفه هو أنه تم بقرار أو بتوجيه رئيس المجلس السياسي لوزير المالية.
وهو إجراء يتصادم مع دستور الجمهورية اليمنية، والقوانين السارية والمنشئة لتلك الوحدات الاقتصادية المستقلة.