ما أبرز المعطيات الجديدة حول فيروس كورونا؟ ولماذا يستمر في مفاجأتنا؟ وهل سنحتاج أخذ لقاحاته إلى الأبد؟
فيروس كورونا يستمر في مفاجأتنا بعد مرور أكثر من عامين على انتشار الوباء يستمر الفيروس في التطور بطرق مفاجئة وغير متوقعة، وذلك وفقا لهانا ديفلين المراسلة العلمية في “الغارديان” (The Guardian). لقد مر أكثر من عامين على انتشار جائحة كورونا (كوفيد-19)، وعلى الرغم من الجولات المتتالية من التطعيمات واللقاحات المعززة، فإن الفيروس ما يزال منتشرا. وتقول هانا ديفلين إن الطريقة التي يتطور بها فيروس كوفيد-19 لا تزال تفاجئ العلماء، ويعتقد الكثيرون أنه سيتصرف مثل فيروسات كورونا الأخرى وسيكون مرضا موسميا يمكن أن تحمي منه جرعة شتوية سنوية.
كورونا يبحث عن وسيلة للالتفاف على جهاز المناعة لكن هذه الموجة الأخيرة كانت في الصيف، وليس ذلك فحسب، بل يبدو أن الفيروس يبحث باستمرار عن طرق جديدة للالتفاف حول حماية الجهاز المناعي للجسم، فحتى أولئك الذين أصيبوا بالفيروس وتلقوا اللقاحات المتعددة ما زالوا يصابون بالعدوى مرة أخرى. ومع ذلك، كان برنامج اللقاح في بريطانيا مسؤولا عن انخفاض كبير في الوفيات، وبينما لا يزال هناك ضغط كبير من فيروس كوفيد-19 على هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، لا توجد أرقام مروعة للوفيات التي رأيناها في الموجات المبكرة. انفوغراف الاشخاص غير المطعمين اكثر عرضة لدخول المستشفى، كورونا، لقاح لقاحات ، الأشخاص غير المحصنين أكثر عرضة لدخول المستشفى عند الإصابة بكوفيد-19 بـ17 مرة أكثر مقارنة بالأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل، وذلك وفقا لدراسة للمراكز الأميركية للتحكم بالأمراض والوقاية.
كم جرعة معززة من لقاح كورونا سنحتاج؟ تتحدى الموجة تلو الموجة من سلالات كورونا الجديدة -مع القابلية المتزايدة للانتقال والقدرة على الهروب من المناعة الموجودة- قدرةَ اللقاحات على منع العدوى وانتقالها، وذلك وفقا لما كتبه أكيكو إيواساكي أستاذ علم الأحياء المناعي في جامعة ييل، وألبرت كو أستاذ علم الأوبئة بالجامعة ذاتها، في مجلة “تايم” (TIME). وقال العالمان إنه تم تطوير العديد من اللقاحات عالية الفعالية بسرعة غير مسبوقة لمكافحة جائحة كوفيد-19، وخلال المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، كانت فعالية لقاح “الحمض النووي المرسال” (MRNA) حوالي 94-95% في الوقاية. وبعد بدء إعطاء اللقاحات أظهرت الأدلة الواقعية أن لقاحات الحمض النووي المرسال قد وفرت فعالية بنسبة 90% تقريبا ضد العدوى. ثم جاءت سلالات كورونا الجديدة. إن فعالية سلسلة أولية من لقاحات الحمض النووي المرسال (جرعتان) لمنع الاستشفاء والوفاة تتضاءل أيضا بسبب هذه المتغيرات عالية المراوغة المناعية. وقد أصبحت الحماية بواسطة اللقاح أقصر عمرا، خاصة مع ظهور سلالات “أوميكرون” (Omicron). ما الهدف من الحصول على لقاحات كورونا إذا لم تمنع العدوى المصحوبة بأعراض؟ ينظر الناس إلى هذه البيانات ويتساءلون، ما الهدف من الحصول على اللقاحات إذا لم تمنع العدوى المصحوبة بأعراض؟ الجواب هو أن توقع حماية قوية من السلسلة الأولية فقط لأي لقاحات هو أمر غير معقول، وبدلا من ذلك، نحتاج إلى فهم أننا سنحصل على معززات في المستقبل المنظور، وأن نقدر فوائدها. ومن المعروف أنه يتم إعطاء لقاحات ضد الأمراض المعدية الأخرى بجرعات متعددة. وتتطلب العديد من لقاحات الطفولة لدينا جرعات متعددة، فهناك 5 جرعات ضد الدفتيريا، والكزاز، والسعال الديكي، و4 جرعات ضد المستدمية النزلية من النوع “بي” (B)، والمكورات الرئوية المقترنة، وفيروس شلل الأطفال المعطل، أو 3 جرعات ضد التهاب الكبد “بي” (B)، وتعطى جميعا قبل سن 18 سنة. وهذه الجرعات مطلوبة ولا تعد اختيارية لتحقيق المناعة. وفي مرحلة البلوغ، يحتاج العديد من هذه اللقاحات إلى جرعات تقوية دورية للحفاظ على المناعة. ويتطلب فيروس الإنفلونزا جرعات تطعيم سنوية لجميع الأعمار. ومع ذلك، لا يشتكي الناس من الاضطرار إلى الحصول على الجرعة الـ60 من لقاح الإنفلونزا. ويجب أن نفكر في لقاحات كوفيد-19 بنفس الطريقة.
لماذا نحتاج إلى جرعات معززة؟ يقول العالمان “إيواساكي” و”كو” إن السلسلة الأولية من لقاحات الاستجابة المناعية تبدأ من خلال إشراك الخلايا الليمفاوية، وهي خلايا الدم البيضاء التي تكتشف سمات معينة لمسببات الأمراض لتتوسع في أعدادها وتصدر تعليمات للقضاء على العامل الممرض. وتختفي معظم هذه الخلايا بمرور الوقت، باستثناء مجموعة فرعية صغيرة من الخلايا التي يحتفظ بها الجسم لاستخدامها في المستقبل. وإن ما تعرف بـ”خلايا الذاكرة” مسؤولة عن مناعة طويلة الأمد ضد مسببات الأمراض، وما تفعله المعززات هو تحفيز الخلايا الليمفاوية للذاكرة على التوسع السريع في الأعداد وإنتاج مدافعين أكثر فاعلية. ويعمل اللقاح المعزز أيضا على الخلايا البائية التي يمكنها إفراز أجسام مضادة تكون أفضل في ربط ومنع عدوى الفيروس وانتشاره. ويمكن اعتبار السلسلة الأولية على أنها المدرسة الثانوية للخلايا الليمفاوية، حيث تتلقى الخلايا الساذجة تعليمات أساسية للتعرف على العامل الممرض. وإن المعززات مثل الجامعة حيث يتم تعليم الخلايا الليمفاوية بشكل أكبر لتصبح أكثر مهارة ونضجا، لمحاربة العدوى في المستقبل. هذا هو الحال بالنسبة لجميع اللقاحات. وتزود الجرعات المنشطة جهاز المناعة بالتثقيف الذي يحتاجه للوقاية من الأمراض الشديدة الناتجة عن العدوى.
هل سنحتاج أخذ لقاحات كورونا إلى الأبد؟ وفق المعطيات الحالية سنحتاج أخذ لقاحات معززة بشكل مستمر لكورونا. وقال العالمان إن لقاحات كوفيد-19 تحتاج أيضا إلى جرعات معززة للأسباب التي ذكرت سابقا، وإننا بحاجة إلى تثقيف وصيانة وتحسين استجابات الخلايا التائية والخلايا البائية للوقاية من الأمراض الشديدة. وتوفر المعززات فوائد كبيرة للأشخاص الذين تلقوا السلسلة الأولية في منع الاستشفاء والوفاة. وبالولايات المتحدة في أبريل 2022، كان الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 50 عاما والذين لم يتلقوا أي لقاح، أو تلقوا السلسلة الأولية فقط (بدون جرعة معززة) أو أخذوا جرعة معززة واحدة؛ كان لديهم 38 ضعفا أو 6 أضعاف أو 4 أضعاف خطر الوفاة على التوالي؛ بسبب كوفيد-19، مقارنة بأولئك الذين لديهم جرعتان أو أكثر من الجرعات الداعمة.