يقول متابعون للشأن اليمني إن إعلان الحوثيين عن عدم اعتزامهم القبول بتمديد الهدنة الإنسانية مجددا، يندرج في سياق الضغط على السلطة الشرعية وعلى المجتمع الدولي لتحقيق المزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية.
ويوضح المتابعون أن الحوثيين يستشعرون حرص الولايات المتحدة وباقي أطراف المجتمع الدولي على تمديد الهدنة، بما يقود إلى وقف شامل لإطلاق النار، ويريدون توظيف هذه الورقة وتوجيه رسالة بأنه لن يجري أي تمديد ما لم يتم الأخذ بشروطهم المتناسلة على محمل الجد، ومنها دفع الحكومة لرواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم.
ويشير المتابعون إلى أن الحوثيين كانوا أبرز المستفيدين من الهدنة حتى الآن، سواء لجهة تخفيف التحالف العربي الداعم للشرعية للقيود المفروضة على موانئ الحديدة، وهو ما نتج عنه دخول العديد من سفن الوقود لتزويد مناطق السيطرة الحوثية، إلى جانب فك جزئي للحصار على مطار صنعاء الدولي.
ويلفت المتابعون إلى أن استتباب الأوضاع الميدانية سمح أيضا للحوثيين بالتقاط أنفاسهم بعد تعثر جهودهم في السيطرة على محافظة مأرب، التي تعد آخر معاقل الشرعية في شمال اليمن، وقد تعرض المقاتلون الحوثيون خلال الأشهر القليلة التي سبقت الهدنة لحالة استنزاف كبيرة، جعلتهم يخسرون موطئ قدم لهم في محافظة حضرموت المتاخمة لمأرب.
وأعلن الحوثيون مساء السبت عن “رفضهم ضمنيا” تمديد الهدنة التي تنتهي في الثاني من أغسطس المقبل. وعبّر المجلس السياسي الأعلى للجماعة الموالية لإيران، عن رفضه لأي مخرجات تصدر عن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة، كونها “تمس بسيادة وأمن واستقرار اليمن”، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء “سبأ” بنسختها الحوثية.
واستهجن المجلس “الحديث عن تفاهمات حول تمديد الهدنة”. وقال المجلس “الهدنة التي لم يلتزم طرف العدوان (التحالف العربي) بتنفيذ بنودها، مثلت تجربة صادمة ومخيبة للآمال، ولا يمكن تكرارها في المستقبل، مع الاستعداد الدائم لتعزيز أي جهود تتسم بالمصداقية وتقود على نحو مضمون إلى معالجات حقيقية وعملية في الجانبين الإنساني والاقتصادي”.
وقال إن “أي تدخلات خارجية في الشأن الداخلي لليمن، تمثل الإعاقة الكبرى للسلام في البلاد”. وأضاف “السلام في اليمن يتطلب إرادة واضحة وجادة واستعدادا عمليا من قبل العدوان، باحترام سيادة واستقلال اليمن والانخراط بشكل عملي في وقف العدوان ورفع الحصار وإنهاء الاحتلال، وأي شكل من أشكال التواجد العسكري في اليمن، إلى جانب معالجة كل آثار وتداعيات الحرب، وفي مقدمة ذلك الإفراج عن الأسرى وإعادة الإعمار والتعويض وجبر الأضرار”.
وتابع المجلس “قدمنا الكثير من المبادرات والتنازلات بغية التخفيف من المعاناة وتشجيع تحالف العدوان على الانخراط في السلام، ولكن دون جدوى، وما زالت دول العدوان تتمسك بالحصار وإعاقة تدفق السفن إلى ميناء الحديدة، وما زالت تصر على إغلاق أجوائنا ومطاراتنا في جريمة حرب واضحة”.
واعتبر المجلس أن “كل هذه مؤشرات تنعدم معها أي مصداقية في أي حديث أميركي أو سعودي عن موضوع السلام”. وأكد المجلس التابع للحوثيين ما اعتبره “حقهم في اتخاذ ما يرونه من الإجراءات والخيارات التي تضمن حقوق الشعب اليمني كاملة غير منقوصة”.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال زيارته غير المسبوقة إلى المملكة العربية السعودية، في جولة قادته أيضا إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، عن تفاهمات مع الجانب السعودي لتمديد الهدنة في اليمن.
وقال بايدن “اتفقنا على تعميق الهدنة وتكثيف الجهود من أجل تمديدها، كما نعمل على تسوية أوسع في اليمن”.
وبدا حديث بايدن حيال الأزمة اليمنية إنشائيا ولم يتضمن أي تصورات عملية لإنهاء النزاع، كما تجنب الرئيس الأميركي توجيه أي انتقادات للحوثيين، الأمر الذي من شأنه أن يدفعهم إلى التعنت أكثر ورفض تقديم أي تنازلات سواء في علاقة بفك الحصار عن تعز، أو في غيرها من الملفات الخلافية.
ووافقت الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي مطلع يونيو الماضي على تمديد هدنة إنسانية في البلاد لمدة شهرين، بعد انتهاء سابقة لها مماثلة بدأت في الثاني من أبريل الماضي.
ومن أبرز بنود الهدنة وقف إطلاق النار وفتح ميناء الحديدة، إضافة إلى إعادة تشغيل الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء، وفتح الطرق في مدينة تعز التي يحاصرها الحوثيون منذ سبع سنوات.
ويشهد اليمن حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات، بينها صنعاء منذ سبتمبر 2014.