"عاد ابني كاليابان البالغ من العمر سبع سنوات من المدرسة وطلب بعض الطعام ثم بدأ يبكي من شدة الجوع" هكذا وصفت بريما سيلفام ما حدث مع ابنها في أحد الأيام.
كن بريما، البالغة من العمر 31 عاما لم يكن لديها شيء تقدمه لطفلها وشعرت باليأس الشديد.
تعيش بريما في مقاطعة سالم الهندية وفي ذلك اليوم لم تستطع طبخ أي شيء بعد أن فرغ مطبخها من كل المؤونة.
وبعد سلسلة من الأحداث المأسوية بلغ اليأس منتهاه واضطرت لاتخاذ قرار جريء أثار ردود أفعال قوية في مجتمعها المحلي.
وقالت بريما : "لم يكن لدي شيء أبيعه وحطم الموقف فؤادي. ودار بخلدي تساؤل عن جدوى حياتي إن لم أكن قادرة على إطعام أطفالي".
ولا تمتلك بريما أي شيء يمكن أن تبيعه للحصول على المال سواء أملاك أو مجوهرات أو أدوات مطبخ أو أي شيء له قيمة.
"لم تكن حتى لدي ورقة نقدية من فئة عشرة روبيات (ما يساوي 14 سنتا أمريكيا) كانت لدي بعض الجرادل البلاستيكية فقط.".
وهنا أدركت أن لديها شيء آخر يمكن أن تبيعه.
تقول بريما: "تذكرت متجرا يشتري الشعر توجهت إليه وبعت شعر رأسي بالكامل مقابل 150 روبية (ما يساوي دولارين)".
وتشيع تجارة الشعر عالميا وتتصدر الهند الدول المصدرة له وبمجرد بيع الشعر يدخل في صناعة الوصلات.
ويقدم بعض الهندوس المتدينين شعرهم في المعابد على أمل الاستجابة لصلوتهم.
ويشتريه التجار ويبيعونه في الخارج.
يعادل المبلغ الذي تقاضته بريما مقابل شعرها قيمة وجبة غذاء من مطعم متوسط في مدينة كبرى. لكن في قريتها يمكن شراء أكثر من ذلك.
وتقول: "اشتريت ثلاثة أكياس من الأرز المطهو 20 روبية لكل منها (28 سنتا) لأطعم أطفالي الثلاثة".
وقدمت الطعام لأطفالها لكنها كانت تعلم أنه حل مؤقت ولجأت للخيار الأخير وبدأت تقلق بشأن ما ستقدمه لأسرتها في الوجبة التالية.
وعملت بريما لسنوات في أحد مصانع الطوب وكسبت ما يكفي بالكاد لاستمرار حياتهم.
واقترض الزوج لاقامة ورشة الطوب الخاصة به لكن المشروع لم ينجح وسرعان ما سادت حالة من التوتر.
واُحبط الزوج بعد أن فشل في تأمين ما يكفي من المال وانتحر قبل سبعة أشهر بعد أن أضرم النيران في نفسه.
وضاقت السبل بـ بريما حتى فكرت في القيام بنفس الشيء
"ذهبت إلى متجر وطلبت مبيداً حشرياً" لكن صاحب المتجر لاحظ حالة اليأس التي بدت عليها فرفض طلبها.
عادت إلى المنزل وقررت أن تحاول بطريقة أخرى فجمعت بذور نبات الدفلة السامة وبدأت في طحنها وصنع معجون.
ولحسن الحظ دخلت شقيقتها التي تعيش في الجوار ومنعتها من تناول هذا المزيج السام.
وتقول بريما إن الضغط الواقع عليها لسداد دين زوجها قصم ظهرها.
أصبحت بريما المعيل الوحيد للأسرة منذ وفاة زوجها وتستمر في عملها في مصنع الطوب وهو عمل منهك جسديا لكن أجره أفضل من العمل في الزراعة.
وتقول بريما إنها تحصل على مئتي روبية (2.80 دولار أمريكي" في يوم العمل الواحد "وهو يكفي لإطعام أسرتها.
وعادة ما تصطحب ولديها إلى العمل لأنهما لم يبلغا سن الدراسة.
لكن قبل ثلاثة أشهر من بيع شعرها مرضت بشكل متكرر ما يعني أنها لم تعد قادرة على كسب ما يكفي من المال.
"ولم أتمكن من حمل الطوب وبقيت في المنزل أكثر الوقت بسبب الحمى".
وبدأت بريما تتعثر في السداد فبدأت الدائنون في الضغط عليها فزاد توترها.
وهي أمية لا تقرأ ولا تكتب ولا تعلم شيئاً عن النظام الحكومي الذي يساعد من يواجهون نفس ظروفها.
والنظام البنكي الحكومي في الهند مليء بالتعقيدات ما يجعل من الصعب على أبناء المجتمعات الفقيرة الحصول على قروض بنسب فائدة منخفضة.
واقترضت بريما وزوجها من دائنين محليين وجيرانهم. لكن هذه قروض غير مؤمنة وتكلفة الاقتراض تكون عالية.
ومع تكرار مرض بريما تراجع دخلها ما زاد من أعبائها وهنا جالت بخاطرها أفكار مثل بيع شعرها والانتحار.
وبعد أيام من تملك اليأس من بريما تدخل رجل غريب ليغير حظها العاثر.
ويقول بالا موروغان: "عرفت بحالة بريما من صديق يمتلك مصنعاً للطوب في المنطقة".
وأعادت مشكلة بريما إلى ذاكرته الأوقات الحالكة التي مرت بها عائلته ويعرف بالا جيدا حالة اليأس التي قد يصل إليها الناس بسبب الفقر.
وقال: "عندما كنت في العاشرة نفد الطعام لدى عائلتي وباعت أمي كتبا وصحفا قديمة بالوزن لتوفير المال لشراء بعض الأرز".
وبلغ اليأس بوالدة بالا أنها حاولت قتل نفسها وأسرتها.
ويتذكر كيف وقفت أمه أمامه وأمام شقيقته "وابتلعت بعض الحبوب وعندما أوشكت شقيقتي على بلع نفس الحبوب منعتها في اللحظة الأخيرة".
وغيرت الأم رأيها في آخر لحظة وسارعت الأسرة إلى طبيب تمكن من إنقاذ حياة الأم.
وبعد هذه الواقعة وسنوات من الكفاح انتصر بالا على الفقر ويملك حاليا مركزا لرسوم الكمبيوتر.
وتحدث بالا إلى بريما عن رحلته وشجعها على التمسك بالأمل وأعطاها وصديقه ما يكفي من المال لشراء الطعام ثم كتب عن حكايتها على موقف فيسبوك.
وقال: "وخلال يوم تمكنت من حمع 120 ألف روبية (1670 دولار أمريكي) وعندما أبلغت بريما فرحت بشدة وقالت إن ذلك المبلغ سيمكنها من سداد الجزء الأكبر من الدين".
وتوقفت حملة التبرعات بناء على طلب بريما "وقالت إنها ستعود للعمل لسداد ما تبقى من الدين".
والآن أصبح عليها سداد 700 روبية (حوالي عشرة دولارات) في الشهر لعدد من الدائنين.
كما تدخل المسؤولون في المقاطعة وتعهدوا بمساعدتها في المباشرة ببيع الحليب.
وللأسف قصة بريما شائعة وبرغم النمو الاقتصادي في الهند إلا أن الملايين من أمثالها يواجهون صعوبات حتى في مجرد توفير الطعام.
وحسب البنك الدولي تضم الهند ثاني أكبر كتلة بشرية ممن يعيشون تحت خط الفقر المدقع (أقل من 1.90 دولار في اليوم) في حين تأتي نيجيريا في المركز الأول.
ويجب على بريما إطعام عشرة أشخاص وحتى في الأيام التي تكسب فيها المال يكون نصيب الفرد الواحد من أجرها 72 سنتا ما يجعلها ضمن أفقر الفقراء.
وقالت: "الآن أدركت أن قرار الانتحار كان خاطئا وأنا واثقة من قدرتي على سداد ما تبقى علي من دين".
وعبرت عن امتنانها الشديد للمساعدة التي تلقتها من الغرباء وتلقتها بصدر رحب وقالت إنها أعادت لها العزيمة على الاستمرار في مواجهة مصاعب العيش.