لم تكن الشروط التعجيزبة الأخيرة من قِبَل مليشيا الحوثي مفاجئةً ولم تكن ميولاً من دون مدلول بقدر ما هي تتويج لمواقف ثابتة رافضة جهود إحلال السلام.
وأقل ما يمكن أن توصف به جملة الشروط التعجيزية أنها "إغلاق كل الطرق التي ممكن أن تفضي إلى تعزيز تثبيت الهدنة ووقف دائم لإطلاق النار والدخول في مفاوضات شاملة وصولاً إلى إطلاق عملية سياسية تعيد اليمن إلى وضعه الطبيعي".
بل الأمر أكثر وضوحاً، حيث إنّ هذه الشروط والتي منها "إخلاء مدينة تعز من أبناء تعز... والجيش والأمن" هي بمثابة انقلاب تام على الاتفاق وإعلان مكتمل الأركان "لاستئناف الحرب"، ومن لم يجد هذا الإعلان بين سطور بيان ما يسمى المجلس السياسي الأعلى للمليشيا فهذا أبعد ما يكون عن مجريات الأحداث.
بالنظر إلى الوقائع الميدانية، فقد أخذت مليشيا الحوثي من الهدنة مبتغاها: تحشيد المقاتلين، ونقل الأسلحة الثقيلة والآليات والذخائر إلى الجبهات وخصوصاً مأرب وتعز والساحل الغربي، ورفع وتيرة تجنيد الأطفال، وإعادة ترتيب دفاعاتها في الجبهات المتقدمة ودخول المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة واستئناف الرحلات عبر مطار صنعاء الدولي.. وهذا هو حالها مع كل الهدن والاتفاقات؛ مليشيا دأبت منذ نشأتها على الانقلاب على العهود والمواثيق وانتهاج سياسة العقاب الجماعي بحق المدنيين ولا تملك قرار الحرب والسلام بقدر ما هي أداة بيد النظام الإيراني.
أمام كل ذلك، تدفع مليشيا الحوثي بنفسها إلى حيث ينبغي أن تكون المعادلة فإما حرب ضروس وإما سلام ناصع.. ولن تظل اليمن في وضع لا حرب ولا سلام.
وكما قالها عضو مجلس القيادة الرئاسي رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية العميد الركن طارق محمد عبدالله صالح، خلال لقاءاته الأخيرة مع قيادات المحاور العسكرية "بقدر احترام الهدنة الأممية، نؤكد أن العزيمة مرتفعة لكسر شوكة المعتدي وإلجام افتراءاته. ألا إن نصر الله قريب.. تحيا الجمهورية اليمنية".
وفي وقت سابق من يوم الاربعاء، خرجت المليشيات الحوثي، تعلن رسميا عن تنصلها عن اتفاق الهدنة هروبا من الاحتقان الشعبي في مناطق سيطرتها جراء " الجرعة السعرية القاتلة".
جاء ذلك في إعلان مليشيا الحوثي عبر بيان صادر عن ما يسمى المجلس السياسي الأعلى ونشرته وسائل إعلامها الرسمية، لتدفع بمسار الهدنة نحو حافة الهاوية.
وجاء بيان مجلس الحوثيين بشروط تعجيزية لتنفيذها بنود الهدنة وفتح طريق رئيسي في مدينة تعز، بينها إخلاء المدينة تماما من الجيش والأمن الحكومي والقيادات المعادية لها.
كما ورد في مجمل الشروط التعجيزبة دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها في حين ترفض هي توريد إيرادات موانئ الحديدة إلى البنك المركزي اليمني بحسب اتفاق ستوكهولم واتفاق الهدنة، كما ترفض اعتماد رواتب الخدمة المدنية حسب كشوفات ما قبل سبتمبر 2014م .
وفيما أوفت الحكومة الشرعية التزاماتها بمقتضى بنود الهدنة " تسيير الرحلات التجاربة من وإلى مطار صنعاء و دخول سفن المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة " رفعت مليشيا الحوثي سقف مطالبها وصولا إلى اشتراط الفتح الدائم للمطار إلى مختلف دول العالم بما فيها إيران ، وكذلك دخول السفن إلى ميناء الحديدة دون تفتيش وتوريد عائدات شحنات النفط والغاز المصدرة من المناطق المحررة .
إلى ذلك ساقت مليشيا الحوثي في بيانها مبررات هزيلة لاتخاذها الجرعة السعرية على المشتقات حيث زعمت أن السبب هو الحصار في حين أن الجرعة أتت بعد أن 3 أشهر من السماح بدخول سفن المشتقات عبر ميناء الحديدة وذلك ضمن التزامات الشرعية ببنود الهدنة الأممية.
وكانت وسائل الإعلام الإيرانية و إعلام حزب الله اللبناتي استبق بيان مليشيا الحوثي، بحملة مكثفة عن " بدء العد العكسي لاستئناف الحرب في اليمن".