شددت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الطريقة الوحيدة للتوصل إلى اتفاق سياسي أفضل مع الحوثيين هي إضعافهم عسكرياً، مؤكدة أن الحوثيين يمتلكون سجلاً مخادعاً، معتبرة أن أي تنازلات يقدمها الحوثيون مؤقتة.
وقالت المجلة الامريكية، إنه على مدار عامي 2020 و2021، خرق الحوثيون وقف إطلاق النار لعام 2016 بهجوم عنيف للسيطرة على محافظة مأرب والأجزاء الشمالية من محافظة شبوة المجاورة. وكانت سيطرة الحوثيين على مأرب ستكون نقطة تحول في حرب اليمن، لكن قوات العمالقة تصدت لتقدم الحوثيين في أواخر عام 2021 وأعلنت استعادة الأراضي التي تم تحريرها في أوائل عام 2022، مما أدى إلى تجريد الحوثيين من أي أفكار لمزيد من التوسع على الأرض.
وحذرت "فورين بوليسي" من أن أي اتفاق يمنح الحوثيين أغلبية في أي حكومة وطنية مستقبلية من شأنه أن يوسع دائرة الصراع بدلاً من إنهائه.
ترى المجلة الأمريكية أنه من غير المرجح أن يرجح اللاعبون الإقليميون ميزان الحرب في هذه المرحلة، حيث توسعت هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية من الصراع إلى عمق الأراضي السعودية والإماراتية، وزعزعت استقرار المنطقة لصالح إيران بدلاً من تمكين الحوثيين من تحقيق مكاسب كبيرة وتحقيق مكاسب على الأرض.
بالنسبة للحوثيين، مهدت الهدنة الطريق لهم لترجمة نجاحهم في ساحة المعركة إلى مكاسب سياسية. على مدى السنوات الخمس الماضية، اعتمد الحوثيون على بقايا الدولة، وتبادلوا السفراء مع إيران وسعوا للحصول على اعتراف دولي بحكومة اليمن. ولدى الحوثيين سفير في سوريا ولديهم ممثلون دبلوماسيون في العراق ولبنان وعمان.
بحسب تقرير المجلة، تلبي الهدنة شروط الحوثيين لأي حوار، وفي مقدمتها مطالبهم بإنهاء حصار التحالف. تضمنت الاتفاقية شروطاً ساعدت في إعادة فتح الدولة التي مزقتها الحرب: استئناف بعض الرحلات الجوية التجارية من العاصمة اليمنية صنعاء إلى الأردن ومصر. دخول 18 شحنة وقود تجارية إلى الحديدة، المدينة الساحلية الواقعة على البحر الأحمر الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وفتح الطرق البرية لجميع الأطراف في جميع أنحاء تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن، والتي يحاصرها الحوثيون.
دخلت أول شحنة وقود الحديدة في أول يوم كامل من الهدنة، أقلعت أول رحلة تجارية منذ ست سنوات من صنعاء إلى عمان، الأردن، في 16 مايو، وغادرت أول رحلة إلى القاهرة في 1 يونيو، ومع ذلك لم تتم إعادة فتح الطرق حول تعز بالكامل. وقالت المجلة الأمريكية، إن أي سلام يتم التفاوض عليه في هذه اللحظة يأتي على حساب جميع اليمنيين الذين رفضوا الرؤية والمنهجية الحوثية ونهجهم المتشدد تجاه القيادة والنسب و"الحق الإلهي" التي تهدد بتقويض مبادئ الجمهورية لأي اتفاق لتقاسم السلطة مع حكومة ضعيفة معترف بها دولياً.
وأضافت: "في مقابل فقدان الحريات، حيث لا يستفيد المدنيون اليمنيون من سلطة أفضل في ظل حكم الحوثيين، فحكومتهم غير كفؤة وفاسدة حيث يشرف مستشارو الحوثيين على المناصب الرسمية في صنعاء لضمان أن جميع الإجراءات والقرارات تفيد مصالح الحوثيين وخزائنهم، إضافة إلى تغييرهم مناهج التعليم، وحدوا من مساحة المذاهب الأخرى غير الزيدية، واضطهدوا الأقليات الدينية. كما اتخذوا إجراءات صارمة ضد حريات المرأة؛ مما أدى إلى تقييد الوصول إلى التعليم واستبعاد النساء بشكل متزايد من الأماكن العامة".
واختتمت "فورين بوليسي" تقريرها بالقول: الطريقة الوحيدة للتوصل إلى اتفاق سياسي أفضل مع الحوثيين هي إضعافهم، وسيتطلب ذلك عملا عسكريا رغم أن تكلفة الحرب باهظة.