أحدثت صورةٌ متداولةٌ لامرأة يمنية تدفع عربة نفايات في شوارع العاصمة صنعاء نقاشًا مستفيضًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت الصدمة في فحوى النقاش حينما اتضح أن هذه المرأة هي عقيلة صحفي رفيع كان يعمل في صحيفة الثورة الحكومية حتى أُجهد ليغدو مُقعدًا في داره بلا حيلة، منذ أن قررت مليشيا الحوثي الإرهابية مصادرة راتبه وتركه وعائلته فريسةً للفقر وصروف الزمن، كغيره من آلاف الأسر. ليس هيّنًا في الثقافة المجتمعية لليمنيين أن تنخرط النساء في أعمال شاقةٍ ومُجهدة؛ إلا أن ظروف الفقر والعوز التي طغت على معيشة اليمنيين في مناطق سيطرة المليشيا الإرهابية المدعومة إيرانيًا، ذهبت بالشعب إلى ما هو أبعد، حيث كسرت حواجز العادات، إلى درجة أن نساءً كُثر بتن يشاهَدن بمرأى العين وهنّ يفتشن عن بقايا طعام في أكوام النفايات، وبراميل القمامة المطبوع عليها شعار"الصرخة" الخمينية، أو عُلبٍ فارغة تُجمع لتُباع بمبلغ زهيد بالكاد يكفي لتوفير بضعة أقراص من الخبز الجاف، كما هو حال هذه المرأة. بين النساء اللائي اخترن طريق الكفاح بما يكتنفه من مشقات وأتعاب، نساءٌ اعتقل الحوثيون أزواجهن، أو قتلوهم، وأخريات بلا مُعيل صودرت رواتبهن من قِبل المليشيا الإرهابية، أو تعثّر أزواجهن لظروف نفسية عن مواصلة العمل، فاتخذن قرار الخروج لتدبُّر شؤون حياة أسرهن بدلًا عن الاعتكاف في طوق الضوائق. تشير مصادر صحفية إلى أن هذه المرأة كان زوجها يعمل في منصب إداري مرموق في صحيفة الثورة، ولأنه لم يرُق لمليشيا الحوثي؛ كونه غير مكترثٍ لمشروعها الطائفي، أُزيح من عمله وحُرم من راتبه، وعندما انعدمت حيل العيش من يده قررت زوجته مواصلة المشوار حتى لا يشبع الموت نهمه بأرواح أطفالها الجياع. وفق تقارير دولية، أغرق الحوثيون اليمن بـ"أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، ولعل مثل هذه المشاهد الأليمة تترجم هذه المأساة التي غدا فيها زهاء 20 مليون يمني (من أصل 30 مليونًا) بحاجة ماسة للغذاء، وثمة من ينهشهم الجوع وقد باتوا على شفا المجاعة.