استهل الكاتب السعودي ، عبدالله بن بخيت مقال له قائلا: "لا تستسهل الجواب لا تستعجل. لا تفكر بطريقة تقليدية أو داخل الصندوق كما يقول الأمريكان. سؤال يحتاج إلى شيء من التأمل. لا تسمح لذهنك عقد مقارنة بين كلمة كفار وكلمة مسلمين. اذهب إلى كلمة صيام وحللها. جردها من كل ما ألصق بها.
أعدها إلى أصلها الديني. افتكها من موروثك الاجتماعي. السنبوسة واللقيمات وشوربة كويكر وفيمتو والحلى والسهر والتفرج على المسلسلات وإغلاق المطاعم في نهار رمضان والتلطم والتوتر والسياقة بتهور. كل هذه وغيرها لا علاقة لها بصيامك.
الصيام يقوم على أمرين
وتابع خلال مقاله المنشور في صحيفة "عكاظ" بعنوان "أيهما أفضل الصيام بين الكفار أم بين المسلمين؟!"تستطيع أن تصوم وحدك في الربع الخالي، وتستطيع أن تصوم مع إخوانك المسلمين في الرياض، وتستطيع أن تصوم في لندن وباريس وطوكيو. لا يوجد مكان محدد تصوم فيه ولا نوعية من البشر عليك أن تصوم معهم. والأهم من هذا لا يوجد في الإسلام تسهيلات تقوم بها السلطات في أي دولة إسلامية أو غير إسلامية لتساعد الصائم كي يتغلب على شهواته. الصيام يقوم على أمرين لا ثالث لهما: الإيمان والقدرة. فالدولة لا تتحمل جزءا من أتعاب الصائم أو نزق الصائم أو قلة صبره أو رقة إيمانه.
لا يوجد في الصيام مصطلح اسمه (تجريح صيامي)
وأردف: لعلك لاحظت أن السؤال أعلاه أصبح بلا معنى. وإذا أعدنا تركيب الموروث الاجتماعي والفتاوى التعجيزية وما ألحقه الدعاة بالدين على كلمة صيام تصبح صيغة السؤال الصحيحة (أيهما أفضل أن تصوم بين الكفار أم بين الطقوسيين؟).
هؤلاء الذين يخشون أن تجرح صيامهم. هؤلاء الذين يمضون يومهم نزقين متوترين، الذين يصفون سياراتهم عند صلاة الجمعة في منتصف الطريق غير مبالين بحق الآخرين في المرور، هؤلاء الذين حولوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى تدخل في شؤون الآخرين ولقافة. فاللقافة ليست مجرد التدخل في شؤون الآخرين وأن تعرف شيئا لا يخصك.
اللقافة بمعناها الذي تم تحديثه وصياغته في زمن الصحوة، هي فرض مشاعري عليك، فرض رغباتي عليك، فرض درجة تطرفي عليك، فرض مشايخي عليك، فرض طريقة لبسي وقيافتي عليك. في النهاية تضع أسلوب حياتك وصحيحك معيارا لك ولغيرك. تزداد معايير الشكليات على قوة الإيمان. عندئذ يصبح الإيمان آخر مؤثر في سلم التدين. رقة إيمان المرء تجعله يهتز إذا شاهد أحدا يأكل أمامه، لا يدرك أن هذه مشكلته الدينية لا مشكلة السلطات.
ليس من مسؤولية أجهزة الدولة إبعاد المغريات والمشهيات من طريق الصائم، لا يوجد في الصيام مصطلح اسمه (تجريح صيامي). لا يجرح الصيام سوى قلة الإيمان. عندما تكون صائما ليس بالضرورة أن يعلم الآخرون. رمضان يوفر للمؤمن فرصة أن يعبد الله نهارا كاملا فيفترض أن يكون سعيدا ومنشرحا ومبتهجا.