من منا لا يتذكر المقولة المتداولة (يا ويل عدن من صنعاء ويا ويل سنحان من دثينة)، سنحان بصنعاء وهي مسقط رأس الرئيس الأسبق صالح ودثينة بأبين وهي مسقط رأس الرئيس السابق هادي.
هذه الاسقاطات تقودنا الى أهمية صنعاء في المعادلة السياسية برمزيتها الجغرافية والجيوسياسية وبالمثل أهمية محافظة أبين في ذات المعادلة وبذات الرمزيات.
وكما كان لصنعاء دورا محوريا في كل المنعطفات التاريخية في شمال اليمن وكانت كلمتها هي الفصل في تحديد طبيعة الحكم وحتى اختيار الحاكم، فإن لمحافظة أبين دورا محوريا في تحديد طبيعة الحكم واختيار القيادة جنوبا وشمالا.
في العقود القليلة الماضية صعد من محافظة ابين لسدة الحكم 3 رؤساء هم الرئيس سالم ربيع علي والرئيس علي ناصر محمد والرئيس السابق عبدربه منصور هادي، ومنها كان قائد الجيش في جنوب اليمن العقيد حسين عشال، ولعبت ادوارا محورية ومهمة للغاية في ضبط ايقاع التفاعلات السياسة جنوبا وشمالا في كافة المنعطفات التاريخية، وكانت كلمتها هي القول الفصل في المراحل الحساسة.
هذه السردية تقودنا للسؤال المهم: لماذا تم اخراج محافظة ابين من المعادلة السياسية التي صيغت الاسبوع الماضي في الرياض؟ وهل كان الامر عفويا ام مقصودا؟ وهل سيستمر استهداف ابين وتصفية ابناءها من كافة مستويات الدولة تباعا، ام سيقف الأمر عند هذا الحد؟
باعتقادي أن الامر لم يكن عفويا بل مقصودا مع سبق الاصرار والترصد، فالذي صاغ المعادلة السياسية يدرك محورية هذه المنطقة وتأثيرها وهي المحافظة الزاخرة بالقيادات والكوادر الوطنية التي تقف حجر عثرة أمام المشاريع الصغيرة، وقد قدمت قوافل الشهداء في الدفاع عن المكتسبات الوطنية وظلت ولا تزال حجر صلبة تتكسر عليها محاولات العبث وتغيير خارطة القوى يمنيا.
لقد ظلت قيادات محافظة ابين حاضرة في مفاصل الدولة طيلة الفترات الماضية، وكانت هذه القيادات بمثابة مغناطيس يعمل على تجميع ابناء المحافظة حول فكرة الدولة والدفاع عنها وهو الدور الذي تجيده هذه المحافظة، والاستهداف اليوم لرموز المحافظة هو محاولة لضرب هذا الموقف الوطني الداعم للدولة وتفتيت هذه العجينة الوطنية وتوزيع دمها بين مناطق المثلث وبين القوى الاخرى المتصارعة.
وبتقديري فإن هذا المخطط لن يمر نظرا لحالة الوعي التي يتمتع به ابناء المحافظة، وعلى العكس فإن ما حدث يشكل فرصة حقيقية لتوحيد ابناء ابين من مختلف المشارب تحت مظلة واحدة لانتزاع حقوق المحافظة ورد اعتبارها على الاقل بحصولها على مقعد رئيس الوزراء.
ويمكن استعراض عدد من الاسماء الوازنة والثقيلة من ابين التي يمكن ان تشغل منصب رئيس الوزراء امثال المهندس احمد الميسري وزير الداخلية السابق والاستاذ علي عشال عضو مجلس النواب والشيخ احمد العيسي رئيس الائتلاف الوطني الجنوبي واللواء ابراهيم حيدان وزير الداخلية الحالي والدكتور عدنان الجفري وزير العدل الاسبق وغيرهم الكثير من الشخصيات ذات الدور الوطني والحضور الفاعل والمؤثر.
لن تغيب ابين مهما حاول البعض تغييبها، ومن يظن أن هذه المحافظة بتضحياتها ستكون في إبط أحد فهو واهم، ولن تكون تابعة أو منقادة وسيكون لها كلمتها المدوية والمسموعة.