يروي المعتقلون اليمنيون الذين أطلق سراحهم في صفقات تبادل للأسرى وقائع مرعبة عن صنوف التعذيب التي يتعرضون لها في سجون مخابرات الميليشيات الحوثية والتي تتنوع بين حفلات وهمية بالموت وبين إدخال مجانين إلى الزنازين أو وضع السجناء إلى جانب عناصر إجراميين، وصولاً إلى مصادرة الوجبات الغذائية والأغطية والأموال التي تحضرها الأسر حيث يتعرض بعضها للابتزاز المالي وفي أحيان أخرى للتحرش.
وينقل نقيب المحامين في محافظة تعز المحامي توفيق الشعبي لـ«الشرق الأوسط» عن معتقلين أفرج عنهم أخيراً أشكالاً من الانتهاكات المتعددة بحق المختطفين والنساء تمارس في سجون الميليشيات على نطاق واسع وممنهج من أبرزها إبلاغ المعتقل أنه سيجري إعدامه في الصباح أو تهديده بإحضار أسرته أمامه لتعذيبها أمام أعينه إذا لم يستجب لمطالب المعذبين بالاعتراف بالقضايا الملفقة ضده.
وقال يظل المعتقلون طول الليل يتخيلون عائلاتهم في المعتقل حيث يقوم السجانون عند الفجر بربط أعينهم وأخذهم إلى مكان فضاء وإطلاق النار بين قدميهم ثم يأمرونهم بحفر قبور بأنفسهم وإذا تردد الشخص المعتقل تكون أعقاب البنادق فوق رأسه.
وبحسب ما ذكره الناجون من السجون فإنهم قاموا بحفر قبورهم حيث ينزل الشخص داخل القبر واقفاً تحت تهديد السلاح قبل أن يتم إطلاق النار بجواره مرة أخرى، مع أن أحد المعتقلين كانت الميليشيات قد فجرت منزله وطلبت من أسرته فدية مالية وهو ما تم حيث أحضرت الأسرة سيارة نوع «هيلوكس» ومبلغ 3 ملايين ريال، ومع ذلك استمرت الميليشيا بالمماطلة بعد أن أخذت السيارة والمبلغ المالي، ولم يطلق سراحه إلا في صفقة تبادل مع الجانب الحكومي.
ونقل المحامي عن المفرج عنهم صوراً أخرى من التعذيب مثل المنع من الأكل والشرب لمدة تزيد على 72 ساعة حتى يصبح المعتقل متهالكاً ثم تقوم بقص شعره، كما تقوم بإدخال بعض المجانين إلى الزنازين لإرعاب المعتقلين، كما تنقل الميليشيات العناصر الإجرامية إلى زنازين بعض المعتقلين الذين لا يتعاونون مع السجانين، ومن بين هؤلاء أحد أتباع الديانة اليهودية ليفي سالم مرحبي حيث أدخلوا له عناصر متطرفة هددوه بالقتل داخل الزنزانة، كما نقل ذلك أحد الذين أفرج عنهم من أتباع الديانة البهائية.
ويذكر معتقل آخر نماذج من الممارسات بحق الأسر التي تأتي لزيارة أبنائها إن استطاعت معرفة مكان احتجازهم، ويقول إنها تتعرض للابتزاز المالي حيث ترفض الميليشيات السماح بالزيارات إلا بعد دفع مبالغ مالية كما أن بعضها يتعرض للتحرش، أو المنع وغالباً ما تتم إعادة العائلات أكثر من مرة من مداخل السجون حيث يقول السجانون إنهم سيقومون بإيصال الطعام والأموال إلى السجناء لكن يتبين بعد ذلك أنهم صادروا كل شيء ولم يعطوا المساجين أي شيء، خاصة أن هناك معتقلين لا علاقة لهم بالأحداث ولكن لسوء حظهم أنهم وقعوا في طريق أحد المشرفين الحوثيين فيشتبه بهم ثم يعتقلون ويظل بعضهم لسنوات بدون أي ذنب.
ويحكي معتقل آخر أن الميليشيات الحوثية شكلت فرقاً لاستدراج النساء ومن يصعب استدراجها تقوم العناصر النسائية بتلفيق تهمة أخلاقية لها لابتزازها وأسرتها، حيث طال هذا الأمر العشرات من النساء خاصة ممن رفضن العمل مع جهاز المخابرات النسائية المعروف باسم «الزينبيات» وهو الجهاز الذي يتم عبره تجنيد شابات لإغواء السياسيين وتصويرهم في أوضاع مخلة لضمان عدم تغيير مواقفهم، أو إرسال أخريات لجمع معلومات عن أنشطة المعارضين في الخارج. وقد تم القبض على أكثر من فتاة في مناطق مختلفة من اليمن تقوم بهذا الدور.
رابطة أمهات المختطفين بصنعاء استنكرت ظروف الاحتجاز اللاإنسانية في جميع السجون وأدانت الإهمال الطبي والحرمان من البطانيات والملابس الشتوية ومنع إدخال الأدوية والطعام للمختطفين والمعتقلين. ودعت الصليب الأحمر لزيارة السجون وتفقد أوضاع المحتجزين فيها، خصوصاً المرضى من المختطفين والمعتقلين.
ووفق الرابطة التي تتابع قضايا كل المعتقلين فإن أكثر من 620 من المختطفين والمعتقلين تعسفاً والمخفيين قسراً يعيشون أوضاعاً متدهورة في السجون خصوصاً مع دخول فصل الشتاء ما يجعلهم عرضة لضربات البرد المتكررة ويحرمون من الرعاية الصحية من بينهم 507 مدنيين مختطفين ومن ضمنهم ثلاث نساء لدى جماعة الحوثي حيث يعيش جميعهم أوضاعاً تزداد تدهوراً في السجون مع ازدياد موجة البرد الشديدة.
وذكرت رابطة الأمهات أن القائمين على سجن الصالح بتعز التابع لميليشيات الحوثي يقومون بأخذ البطانيات والملابس الشتوية من أهالي المختطفين لكنها لاتصل لذويهم وتتم مصادرتها ولا يوفر لهم أي شيء، وفي السجن المركزي بصنعاء لا يوفر إلا الأكل القليل للمختطفين حيث لا يكفيهم ولا يسد رمق جوعهم كما يمنع دخول البطانيات إلى سجن الأمن السياسي بصنعاء.
وناشدت الرابطة نشطاء حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية بالوقوف مع المختطفين والمخفيين قسراً والمعتقلين تعسفاً ومساندة قضيتهم العادلة حتى الإفراج عنهم وإنهاء معاناتهم.
وكانت أسرة المختطف أسعد الوعيل قد ناشدت إنقاذ حياته بعد التدهور الشديد لحالته الصحية بسبب إضرابه المتواصل عن الطعام في سجن مخابرات الحوثيين في محافظة إب، وقالت إن الشاب البالغ من العمر 26 عاماً ينفذ إضراباً عن الطعام منذ 50 يوماً احتجاجاً على استمرار اختطافه وللمطالبة بالإفراج عنه بعد تعرضه للتعذيب من قبل ميليشيات الحوثي والذي أدى لإصابته بآلام في العمود الفقري والجهاز العصبي.
وتقول الأسرة إن عناصر الميليشيات الحوثية اختطفته في أوائل عام 2017 أثناء عودته من صنعاء إلى قريته حيث أحضر تجهيزات حفل زفافه، ومنعت عنه الزيارة لإجباره على وقف الإضراب عن الطعام الذي ينفذه لينال حريته، ودعت الصليب الأحمر والمفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى الضغط على الميليشيات لإنقاذ حياته والإفراج عنه