تكثفت تحركات دبلوماسية دولية وأممية لتحقيق تهدئة باليمن، في وقت صعد فيه الحوثيون من هجماتهم على دول بالتحالف العربي، الأمر الذي ردت عليه الأخيرة لإنهاء تهديدات المليشيات الحوثية.
وبات لافتا زيادة لقاءات يعقدها مسؤولون دوليون وإقليميون وأمميون، في محاولة لخفض منسوب الصراع باليمن، الذي يهدد الأمن الإقليمي ويفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
والأربعاء، انعقدت سلسلة لقاءات دولية هدفت في مجملها إلى احتواء التصعيد العسكري، ومناقشة سبل حل النزاع سلميا، في ظل حرب مستمرة منذ نحو 7 سنوات.
وعقد المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، الأربعاء، لقاء في مسقط مع وزير الخارجية العماني، بدر البوسعيدي.
ووفق الخارجية الأمريكية، عبر "تويتر"، فإن ليندركينغ شدد خلال اللقاء على أن "التصعيد الأخير للعنف في المنطقة يشكل تهديدًا للجميع.. ويجب علينا جميعًا العمل معًا للضغط على الأطراف للعودة إلى الحوار".
وأيضا عقد ليندركينغ الأربعاء لقاء مع جيمس كليفرلي وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقال كليفرلي، عبر تويتر، إنه "ناقش مع ليندركينغ كيف يمكن للمجتمع الدولي دعم المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، وجميع الأطراف في العمل من أجل السلام في البلاد"، من دون تفاصيل.
وفي تغريدة أخرى، أفاد كليفرلي بأنه "أجرى أيضا نقاشا جيدا مع السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر".
وأردف أن اللقاء "ركز على هدفنا المشترك المتمثل في السلام والأمن في اليمن والمنطقة". ولم يتطرق الوزير البريطاني إلى مكان اللقاءين ولا تفاصيل أخرى.
مباحثات كليفرلي جاءت غداة زيارة قام بها السفير البريطاني لدى اليمن ريتشارد أوبنهايم، إلى عاصمة البلاد المؤقتة عدن (جنوب).
وأجرى السفير البريطاني، الثلاثاء، مباحثات في عدن مع كل من رئيس الحكومة الشرعية اليمنية معين عبدالملك ووزير الخارجية أحمد بن مبارك.
وأثناء تواجده في عدن، دعا أوبنهايم، عبر "تويتر"، الجميع إلى "وضع مصلحة الشعب اليمني في المقام الأول، والعمل بجهد كبير لإيجاد تسوية سياسية مستدامة، بحيث تكون مصلحة الشعب في صميم تلك التسوية".
وضمن التحركات الرامية لوقف التصعيد، عقد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الأربعاء، مباحثات في العاصمة السعودية الرياض مع أمين عام مجلس التعاون الخليجي، نايف الحجرف.
وقال هادي، خلال لقائه الحجرف، إن "ما تقوم به مليشيات الحوثي من تصعيد وأعمال عدائية باستهدافات إرهابية إجرامية في المنطقة أمر مرفوض".
والحوثيون يسيطرون على محافظات، بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ سبتمبر/ أيلول 2014، فيما بدأ التحالف العربي، بقيادة الجارة السعودية، في مارس/ آذار من العام التالي عمليات عسكرية في اليمن، استجابة لطلب من رئيسها لدعم السلطة الشرعية.
وتابع هادي: "الانقلابيون الحوثيون يواصلون إهدار فرص السلام الواحدة تلو الأخرى"، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ).
وقبل نحو أسبوع، عقد المبعوث الأممي غروندبرغ لقاءات في الرياض مع نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان، ووزير الخارجية اليمنى أحمد بن مبارك، إضافة إلى أمين عام مجلس التعاون الخليجي.
وقال غروندبرغ، في ختام مباحثاته بالرياض: "نندد بموجة التصعيد العسكري الأخيرة التي اجتاحت اليمن، وامتدت عبر الحدود".
وتابع في بيان الخميس أنه "تم عقد عدد من الاجتماعات (..) لتبادل الآراء بشأن الخيارات الممكنة لتحقيق خفض فوري للتصعيد، وتمهيد الطريق لإجراء محادثات سياسية شاملة".
ويواصل الحوثيون تحديهم للقرار 2216، الذي أصدره مجلس الأمن الدولي في أبريل/نيسان 2015، وينص في أبرز بنوده على ضرورة انسحابهم من المناطق التي سيطروا عليها، بما فيها صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها.
موجة تصعيد حاد
ومنذ مطلع العام الجاري، يشهد اليمن تصعيدا عسكريا هو الأكثر حدة منذ سنوات، لا سيما جراء هجمات حوثية عابرة للحدود.
ففي 17 يناير /كانون الثاني الجاري، استهدفت مليشيا الحوثي العاصمة الإماراتية أبو ظبي بصواريخ وطائرات مسيرة مفخخة تسببت بانفجار ثلاثة صهاريج نقل محروقات بترولية واندلاع حريق في منطقة إنشاءات قرب مطار أبوظبي، ما أدى لمقتل 3 أشخاص وإصابة 6 آخرين.
وقوبلت هذه الهجمات بإدانات عربية ودولية وأممية واسعة، مع دعوات إلى ضرورة إعادة تصنيف مليشيا الحوثي "منظمة إرهابية".
لكن الحوثيين أعلنوا مجددا، الإثنين، استهداف الإمارات والسعودية بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة.
بينما أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية، في بيان، اعتراض صاروخين باليستيين أطلقهما الحوثيون تجاه أراضيها، مشيرة إلى قصف مقاتلاتها الجوية لمنصة أُطلق منها الصاروخان.
فيما أفاد الدفاع المدني السعودي بإصابة مقيمين اثنين؛ جراء سقوط صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون على منطقة جازان، مساء الأحد.
وردا على هجمات الحوثيين، أعلن التحالف العربي، في بيانات متعددة خلال الأيام الماضية، أنه استهدف مواقع عسكرية مشروعة للمليشيات الحوثية في صنعاء ومحافظات أخرى.
وقبل أيام، أعلن التحالف إطلاقه عملية عسكرية واسعة لشل قدرات الحوثيين بعدد من المحافظات اليمنية، وقال إنه يتتبع "القيادات الإرهابية المسؤولة عن استهداف المدنيين".
وشدد على أن "العملية العسكرية تأتي استجابة للتهديد ومبدأ الضرورة العسكرية لحماية المدنيين من الهجمات".
وفي أحدث بياناته، أعلن التحالف، الأربعاء، أنه نفذ 31 عملية ضد الحوثيين خلال 24 ساعة، ما أسفر عن مقتل 160 مسلحا في ثلاث محافظات، هي مأرب والبيضاء (وسط) وتعز (جنوب غرب).
تصاعد القتال بالجبهات
هذا التصعيد العسكري يتزامن مع مواجهات ضارية بين القوات الحكومية والحوثيين في جبهات عديدة، حقق فيها الطرف الأول تقدمات ميدانية بارزة.
ومنذ مطلع يناير الجاري، استطاعت قوات الجيش اليمني و"ألوية العمالقة"، المسنودة من التحالف، استكمال تحرير كامل محافظة شبوة النفطية.
كما تقدمت هذه القوات إلى محافظة مأرب النفطية، وتمكنت قبل يومين من تحرير مديرية حريب، بما فيه مركزها (مدينة حريب).
واستطاعت "ألوية العمالقة"، المدعومة بشكل كبير من الإمارات، ترجيح الكفة لصالح القوات الحكومية، التي عانت من ضغط حوثي هائل وكانت في موقف الدفاع منذ نحو عام.
ووفق مراقبين، فإن انتصارات "ألوية العمالقة" أغضبت الحوثيين، ما جعلهم ينفذون "هجمات انتقامية" ضد الإمارات، ردا على دعم أبوظبي لهذه القوات.
تحذيرات من عواقب وخيمة
وتزايدت تحذيرات دولية وأممية من عواقب وخيمة لتصاعد الصراع، خصوصا تأثيره سلبا على الأمن الإقليمي والوضع الإنساني في اليمن.
والثلاثاء، حذر كل من غروندبرغ والمنسق الأممي باليمن ديفيد غريسلي من أن التصعيد الأخير يهدد الأمن الإقليمي ويقوض جهود إنهاء النزاع.
وأضافا، في بيان مشترك، أنه "من المؤكد أن يناير (الجاري) سيحطم الأرقام القياسية فيما يتعلق بعدد الضحايا المدنيين".
وفي 12 يناير الجاري، حذر غروندبرغ، في إحاطة أمام مجلس الأمن، من أن "اليمن يزداد تفككه السياسي والاقتصادي والعسكري"، وأن "الحرب فيه تدخل دورة جديدة من التصعيد".
كما حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في بيان السبت، من أن "تصعيد القتال يؤدي إلى تفاقم أزمة إنسانية حادة ومعاناة الشعب اليمني".
ودعا أطراف النزاع إلى "الامتثال لالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، والمشاركة الكاملة في عملية سلام شاملة بقيادة الأمم المتحدة".