يبدو أن “شهر العسل” بين رئيس النظام السوري بشار الأسد، والتحالف الإيراني المنطوي تحته “حزب الله” و “الحوثيين”، قارب على الانتهاء، وهو ما ظهر منذ زيارة وزير الخارجية الإماراتي لدمشق مؤخرًا، وما تبع ذلك من طرد قيادي كبير في الحرس الثوري الإيراني من سوريا.
ورغم النفي الإيراني الرسمي لصحة التقارير، التي أفادت بأن إخراج أحد أقدم قادة الحرس الثوري جواد غفاري من سوريا تم بطلب من الرئيس السوري بشار الأسد، أكد مصدر رفيع المستوى في فيلق القدس، الذراع الخارجية لـ “الحرس”، أن الأسد اعتبر غفاري وعدداً من قياديي الحرس البارزين في سوريا، عناصر غير مرغوب فيها، وأبلغ طهران بأنه آن الأوان لإنهاء مهامهم.
ونقلت صحيفة “الجريدة” الكويتية” عنالمصدر، أن طهران توجست من قرار الأسد، خصوصاً أنه جاء بعد استقباله وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد في دمشق، وهي متخوفة من أن يكون الأسد بات مطمئناً من إمكانية سيطرته على الأوضاع العسكرية، ويريد التقارب مجدداً من الدول العربية، خصوصاً دول الخليج، في ظل تقارب روسي – خليجي بشأن النفط.
وأضاف – حسب الصحيفة- أن قرار الأسد هذا لم يكن الوحيد الذي أعطى طهران انطباعاً كهذا، مشيراً إلى لائحة قرارات سوريا اتخذت أخيراً، والهدف الواضح منها تحجيم دور حلفاء إيران، معدداً بعضها وأولها طلب دمشق من بعض المسؤولين اليمنيين الموالين للمتمردين الحوثيين مغادرة سوريا ورفضها تمديد إقاماتهم
وكشف أن هناك قرارات سورية اتخذت لناحية تقييد حركة حزب الله اللبناني داخل سوريا ومنع الإيرانيين وحلفائهم من الوجود في الجنوب السوري قرب الحدود مع إسرائيل والأردن، حتى إن الجيش السوري اعتقل أخيراً مجموعة مشتركة من الحزب والحرس الثوري، كانت متجهة إلى إحدى بلدات جنوب سورية المحاذية للجولان، لمنح قروض ومساعدات للسكان النازحين العائدين.
وقال المصدر إنه في الوقت نفسه رصدت طهران مساعي جدية تبذلها روسيا لإيجاد صيغة تفاهم لوقف الاشتباك بين سوريا والاحتلال الإسرائيلي، على غرار ما كان الوضع عليه قبل عام 2011 موعد اندلاع الأزمة السورية.
وأضاف أنه بموجب هذه المساعي طلبت موسكو من دمشق إعادة إبعاد الإيرانيين 80 كيلومتراً عن الخط الأخضر ومنع عبور الإمدادات اللوجستية لحلفاء إيران في لبنان، وبالفعل فإن السوريين بدأوا الإيحاء بأنهم يتجهون لتحقيق هذه المطالب.
ولفت المصدر، إلى أن القيادة السورية طلبت من الإيرانيين وحلفائهم التوجه نحو الشمال السوري، بذريعة أن الجيش السوري يحتاج إليهم في معركة إدلب لا في مكان آخر، مضيفاً أن القادة الإيرانيين الذين اعترضوا على هذا القرار جرى اعتبارهم أشخاصاً غير مرغوب فيهم
وفي السياق نفسه، فإن السوريين طلبوا كذلك نقل جميع أسلحة إيران وحلفائها إلى الشمال تحضيراً لمعركة إدلب.
ورغم أن أغلبية القيادات الميدانية الإيرانية اعتبرت أن تجميع السلاح في الشمال من شأنه أن يمنح الإسرائيليين فرصة لاستهدافها وتدميرها دفعة واحدة فإن السلطات السورية تمسكت بقرارها تحت طائلة مصادرة أي أسلحة أو عتاد للمخالفين.
الشأن الاقتصادي
وفي الشأن الاقتصادي، كشف المصدر أن دمشق ألغت رخصاً لبعض الشركات الإيرانية، التي كانت تصدر البضائع إلى سوريا، وبينها شركتا “سايبا” و”إيران خودرو” للسيارات، كما جرى إنهاء عقود إعادة بناء لمشاريع بنى تحتية منحت لشركات إيرانية، لمصلحة شركات تابعة لدول عربية أو غربية، مقابل تخفيف عقوبات قانون قيصر الأميركي.
وأكد المصدر أن السوريين امتنعوا أخيراً عن إصدار رخص لسفن حمل وقود إيرانية كانت تريد إفراغ وقودها في ميناء بانياس، وتقوم بنقلها إلى لبنان، بذريعة أن هناك انزعاجاً رسمياً لبنانياً من تهريب الوقود عبر سورية إلى لبنان، وأن أطرافاً في الحكومة اللبنانية تهدد بتقديم شكوى ضد دمشق في المحافل الدولية، مما يعني مزيداً من العقوبات الدولية والقيود، التي ترغب سورية في التخفف منها