حكاية مؤلمة لطفلة عاشت اليتم وابيها على قيد الحياة ولم تكتشف ذلك إلى بعد أن اصبحت زوجة وياريتها لم تكتشف الصدمة التي دمرتها .
وتفصيلا ولدت يتيمة، عندما أصبحت في الثالثة من عمرها، وقتها رأت كل قريناتها ينتظرن عودة والدهن من العمل، ويتناهي إلي سمعها كلمة أب، وتأكدت رغم صغرها أن حياتها ينقصها شئ، فكان السؤال الذي زاغت أعين الأم وهي تجيب عنه: أين أبي؟ وبعد محاولات كثيرة منها؛ كانت الإجابة التي يعرفها الجميع ولا يصدقها أحد: "باب مسافر ياحبيبتي".
مضت سنوات كثيرة، وعندما اشتد عود الفتاة "سمر" ورأت والدتها أنها قادرة علي تحمل الصدمة، قالت لها أن والدها قد توفاه الله.
مضت سنوات أكثر وتزوجت سمر وأصبحت أم، ولشدة ارتباطها بوالدتها كانت تذهب لها في شقتها بشكل شبه يومي، تساعدها قي قضاء كل أمورها، وتنظف لها الشقة بالكامل، إلا غرفتها؛ تطلب الأم أن تتركها لها حتي تنظفها بنفسها.
كانت الحجة أنها تريد ألا تتعود علي الراحة، وأن تنظيفها للغرفة يجعل الدماء تجري في عروقها، وتنشط نفسها بدلا من الجلوس طوال الوقت دون عمل أي شئ.
لم تعترض سمر ولم تهتم للأمر، لكن بعد وفاة الأم اكتشفت سرا جعلها تجيب علي سؤال ربما لم يخطر ببالها يوما: لماذا منعتني أمي من تنظيف الغرفة أو العبث بأي شئ فيها طوال الفترات الماضية.
الأمر حدث بالصدفة، بعد وفاة الأم، قررت سمر أن تنظف الشقة بأكملها، وتجلب شيخ ليقرأ القرآن علي روح والدتها وتدعو كل أحبابها من سيدات المنطقة، ونظفت كامل الشقة ثم شرعت في إجلاء كل محتويات غرفة الأم والتي كانت ممنوعة من مجرد نقل شئ فيها سابقا.
وأثناء إخراج المحتويات، تذكرت اليوم الذي جاءت فيه لتزور أمها كالعادة، ووجدتها ملقاة في صالة الشقة وقد فارقت الحياة، شعرت وقتها أنها فقدت قلبها وشغفها للحياة، صرخت بنحيب جعل كل سكان المنطقة يعلمون أن أم سمر قد قضت نحبها.
وبينما سقطت دمعة ملتهبة محملة بكل مشاعر الحب والإفتقاد من عيني سمر، إذا بها تجد "مذكرة صفراء صغيرة" تسقط من خلف السرير وهي تحركه، إلتقطتها من الأرض وفتحتها فإذا بها مليئة بذكريات الأم منذ زواجها.
كانت أول صفحة بعنوان "أكبر كذبة في حياتي"، وكانت صدمة سمر الأولي لأنها علمت أن والدها عايش وحي يرزق، وأن والدتها أخفت عنها ذلك السر طول عمرها.
تابعت القراءة، وعلمت أن والدها كان شخص غير ملتزم ويشرب المنكر ولا يخشي المحرمات، وحدثت خلافات طويلة بينه وبين والدتها، وتم الطلاق، ولأن الشقة هي ملك والد الأم؛ فغادر الأب تاركا الأم تعيش مع بنتها بمفرديهما.
أكملت بنهم لمعرفة باقي القصة، لتكتشف أن والدها كان يأخذ من أمها مبالغ مالية علي فترات؛ حتي لا يكشف السر الذي خبأته الأم ولا يظهر ويعكر صفو حياة البنت البريئة، وأن ذلك الأمر تسبب في مشاكل بينهما.
قلبت الصفحات بشكل أسرع، في أخر مرة أخذ المبلغ وطلب منها مبلغ أكبر بكثير، وهددها بأنهت لو لم.. كانت هذه أخر كلمة في أخر صفحة.
جلست سمر في حيرة، تفكر بماذا هددها لو لم تفعل ماذا، وفي لحظة تذكرت يوم وفاة أمها، كانت ملقاة قرب الباب الرئيسي، لو ماتت وهي ذاهبة لقضاء حاجة لماتت في طريق الحمام، لابد وأن احد كان هنا ليلة موتها، ثم غابت بنظرها في برواز قديم معلق علي أحد الحوائط نظرت منه أنها بعينان تصبان الحنان صبا، ونظرة أخري لتاريخ كتابة الصفحة، إنه نفس تاريخ ليلة وفاتها، وهنا هتفت برعب: "أو يوم مقتلها".
لم تنتظر سمر طويلا، ذهبت إلي قسم الشرطة ومعها المذكرة، والتي استرعت انتباه واهتمام المحققين، الذين سارعوا بالبحث عن الأب والإتيان به، وعندما وجهوا له تهمة القتل وضيقوا عليه الخناق، كانت الكارثة الكبري.
اعترف الأب أنه هددها بأنها إذا لم تبيع الشقة وتمنحه نصف ثمنها؛ سوف يخبر الإبنه بأنه مازال حيا، وأنها بعد تهديده لها جهزت له مبلغ وعندما ذهب لأخذه وجده قليلا، وحدث بينها شجار؛ جعله يخنقها ويرديها قتيلة.