في إحدى حلقات الشيخ الراحل "محمد متولي الشعراوي " -رحمه الله - والتي كانت تُذاع على شاشة التليفزيون المصري ، قد حكى قصة مؤثرة ، تحمل الكثير من المعاني التي تدل على قرب الله- سبحانه وتعالي - من عباده الصالحين و نصرته لهم في كل المواقف الصعبة التي يمرون بها في حياتهم ، وخاصة حين يرفعون أيديهم بالدعاء له ويطلبون منه العون.
فقد روى الشيخ الشعراوي قصة ، قال عنها أنها من التراث وقد تناقلها العلماء ، وتحكي عن رجل كان يسير ليلًا في بلدة ، بينما كان العسس -وهم الجند- يجوبون شوارع البلدة ، فلما رآهم الرجل شعر بالخوف منهم ؛ خشية من أن يشتبهوا فيه ، وخاصة وهو يسير في هذه الساعة المتأخرة من الليل ، فحاول الاختباء منهم ، وأخذ يهرب عبر الشوارع لكنهم رأوه و طاردوه ، فما كان من الرجل إلا أن واصل هروبه مسرعًا حتي وجد مكان خرب (خرابة ) ، اختبأ به عن أعينهم ، ولكن لسوء حظه انهم عثروا عليه وأمسكوا به ، وأخذتهم الدهشة عن سر هروبه ، لكن هذه الدهشة سرعان ما زالت حين عثروا في هذه الخرابة على جثة قتيل ، فظنوا ان هذا الرجل هو القاتل ، وأن محاولة هروبه ، كانت بسبب ذلك ، واخذوه كي يحاكموه .
وتابع الشيخ الشعراوي سرد القصة فقال : لسوء حظ الرجل أنهم عثروا علي هذه الجثة في هذا المكان الخرب الذي قبضوا عليه فيه ، وعلم الرجل في قرارة نفسه أنه لن ينجو من هذه الجريمة التي لم يرتكبها ؛ فكل الشواهد والملابسات ضده ، ولم يكن له شاهد على براءته سوى الله عز وجل ؛ لذا طلب من العسس أن تمهله كي يُصلي ركعتين لله ، فوافقوا ، وعلي الفور صلي الرجل ودعا الله قائلًا " اللهم أنك تعلم أنه لا شاهد لي علي براءتي إلا انت ، وانت أمرتنا ألا نكتم الشهادة ، فأسألك ذلك في نفسك".
فتعجب الجميع من إقرار ذلك الرجل علي نفسه بأنه هو القاتل بالرغم من أنه كان سينجو بفعلته ، وسألوه عن سر اعترافه هذا .
فرد عليهم قائلًا : والله ما أقررت ولا نويت أن أقر ، ولكن جاء هاتف علي خاطري فأجري لساني بما قلت دون إرادة مني .
وهنا تدخل ولي المقتول وهو ابنه ، وقال : اللهم إني أشهدك أني قد اعفيت قاتل أبي من ديته وقصاصه.
ويعلق الشيخ الشعراوي على هذه القصة بأن الله - سبحانه وتعالى- مالك الملك يجري كل شيء بمشيئته وإرادته ، وحين طلب منه عبده الشهاده ، بعث بالقاتل ليشهد علي نفسه ، كما جعل ابن القتيل يعفو عن قاتل ابيه .