قال الله تعالى «وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ» الآية 18 من سورة لقمان، ففي شرحها قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الآية الكريمة تُنهي المؤمنين عن الأخلاق السيئة، والخصال الذميمة، والصفات القبيحة، والأمراض القلبية.
وأوضح «مركز الأزهر» في شرحه للآية الكريمة، أن الأخلاق السيئة، والخصال الذميمة، والصفات القبيحة، والأمراض القلبية التي تنهى عنها الآية الكريمة مثل الغرور والتكبر والتعالي على الآخرين، احتقارا وازدراء لهم، معتمدًا على المغريات الدنيوية الزائلة، من مال وجاه وسلطان، التي في حقيقتها لا ترفع من قيمة الإنسان ووزنه عند الله عز وجل، وإنما معيار التفاضل يوم القيامة هو حرصه على البر والتقوى والعمل الصالح، كقوله عز وجل: «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ» الآية 13 من سورة الحجرات.
وأضاف أن الشخصية المتكبرة شخصية ضعيفة، عديمة الثقة بنفسها، تستقوى بمظاهر الدنيا الفانية، لتعويض النقص الكامن في شخصيتها، وهي شخصية تفقد مواطن القوة الذاتية، والاعتزاز بالنفس، من علم ومهارات وخبرة ودراية وتطوير مستمر، فهي شخصية حقودة على الآخرين، مبغضة لهم، منوهًا بأن التكبر يكون بالفعل والقول وتعبيرات الوجه، كالضرب والاعتداء والشتم والسب والسخرية والاستهزاء، والغمز واللمز، والإعراض عن المتكلم بوجهه وبدنه، والتبختر والتفاخر بالمشية، وكل هذه الخصال الذميمة ممقوته من الله عز وجل، ومن الناس.
واستشهد بما قال عز وجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» الآية 11 من سورة الحجرات ، مشيرًا إلى أن الكبر عواقبه وخيمة في الدنيا والآخرة، فالمتكبر إنسان ذليل، مبغوض من كل من تعامل معه، وحيد يبتعد عنه الناس، ينتظره عقاب مؤلم يوم القيامة، لبغض الله للمتكبرين.
وأكد أن الكبرياء لا يكون إلا لله عز وجل، فيقول الله عز وجل: «أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ » الآية 60 من سورة الزمر، وقوله:« إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ » الآية 23 من سورة النحل، لافتًا إلى أنه حثَّ القرآن الكريم على التواضع، واللين والرفق في التعامل مع الآخرين، لكسب المتواضع محبة الناس، والتفافهم حوله، فضلا عن محبة الله عز وجل ورفعه له، وزيادة رزقه، ووضع البركة في عمره وأفعاله، قال عز وجل: «وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا » [الفرقان: 63، 64]، وقوله: «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ » [القصص: 83، 84].
ودلل بما جاء عن عياض بن حمار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَىَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلاَ يَبْغِى أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ». مسلم، وعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِىَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ». مسلم. وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ». البخاري.