أثارت قضية الاضطهاد والتعذيب التي تعيشها أقلية الإيغور المُسلمة في الصين حنق كثيرين في جميع أنحاء العالم، ونددت بها حكومات الدول وأقر مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون يُطالب إدارة الرئيس دونالد ترامب بتشديد الموقف الأمريكي إزاء بكين والتعامل بجدية مع ما وصفه بحملة الصين على الأقليات العرقية في منطقة شينجيانغ بغرب البلاد.
كما أغضبت حملة الصين ضد أقليات الإيغور اللاعب الألماني المُسلم مسعود أوزيل، والذي كتب تغريدة عبر تويتر منذ أيام يُبدي فيها رأيه في هذا الشأن، وقال إنه في تركستان الشرقية تحرق المصاحف، وتغلق المساجد، وتحظر المدارس، بل أن علماء الدين يقتلون واحداً تلو الآخر، هذ بالإضافة إلى أن الذكور يساقون قسراً إلى المخيمات، بينما تجبر المسلمات على الزواج من الرجال الصينيين. وقال إن الإعلام العربي يسلط الضوء على وضع الإيغور بينما يغرق المسلمون في الصمت.
رد الحكومة الصينية على أمريكا
نددت الحكومة الصينية بموقف الولايات المتحدة منها، وحثت واشنطن على منع سريان مشروع القانون، كما وصف الاتحاد الصيني لكرة القدم تصريحات اللاعب مسعود أوزيل بأنها "غير مقبولة" و"جرحت مشاعر" الجماهير الصينية، واستبعدت قناة "سي سي تي في" الصينية الحكومية مباراة أرسنال مع مانشستر سيتي من جدول البث اليومي لها بسبب انتقاد أوزيل لاعب أرسنال للسياسات الصينية.
من هم مُسلمو الإيغور؟
يعيش مسلمو الإيغور في إقليم تركستان الشرقية الذي تسيطر عليه بكين منذ عام 1949، ويُطلق عليه اسم شينجيانغ، أي الحدود الجديدة، ويعيش مُسلمو الإيغور الذين يُقدّر عددهم بحوالي 23 مليون شخصا حسب الإحصائيات الرسمية على مساحة تعادل سدس الصين، ويتواجدون في بعض مناطق جنوب وسط الصين. يدينون بالإسلام.
يعتبر اقليم تركستان الشرقية منطقة مليئة بالخيرات والموارد الطبيعية، فهو إقليم صناعي يساهم في إنتاج 80 % من النفط الصيني، و90 % من إنتاج اليورانيوم، وكانت منطقة تضمن لسكانها عيش حياة رغدة قبل أن تغزوها الصين. وعلى مدار أعوام قام أبناء الأقلية بالعديد من الثورات الناجحة ضد السلطات الصينية، ولكنهم عجزوا عن المقاومة بعد أن شددت بكين حملتها ضد الأقلية المسلمة بعد أحداث 11 سبتمبر، إذ شدد النظام الصيني حملته لمطاردة ناشطي الإيغور في إطار ما يُطلق عليه الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب، فشنت حملة شرسة ضد الناشطين واعتقلت عددا كبيرا منهم، وقتلت وعذبت كثيرين.
كيف يبدو الوضع الحقيقي لمسلمي الإيغور؟
صدر تقرير عن لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في أغسطس العام الماضي، أفاد بأن حوالي مليون فرد على الأقل من الأقليات العرقية جرى احتجازهم في معسكرات مغلقة في منطقة سنجان الذاتية الحكم في الصين، وقالت السلطات إنهم يعملون على إعادة تربيتهم.
حسب التقرير الصادر عن المنظمة الأممية فإنه يجرى إجبار مُسلمي الإيغور على غناء الأغاني الثورية، ودراسة أفكار الرئيس الصيني شي جين بينغ، والتحدث باللغة الصينية، وهي ليست لغتهم الأم.
كما نقل التقرير عن بعض شهود العيان أن المسؤولين يعرضون السكان للتعذيب بهدف منع الأنشطة الإرهابية في المنطقة.
خلال شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين كشفت وثائق مُسربة عن الوحشية التي يتلقاها مُسلمو الإيغور في معسكرات الاحتجاز في الصين، أوضحت وثائق مسربة نشرها الائتلاف الدولي للصحفيين، مقره واشنطن، أن السلطات الصينية تعمل على تغيير أفكار أبناء الأقلية المسلمة، وتعزلهم تماماً عن العالم الخارجي، فلا يحق لهم امتلاك هواتف محمولة أو تصفح مواقع الإنترنت، وبعد انتهاء جدول الأنشطة المُقررة والتي يجبرون على تنفيذها يدخلون غرفهم، وبعدها يتم إغلاق المهاجع وقاعات الدراسة والطوابق بالمفاتيح والأقفال، وتراقب المعسكرات بأكملها بكاميرات فيديو دون استثناء.
تدمير المساجد والحرمان من الشعائر
على مدار أعوام عملت فيها الحكومة الصينية على تنفيذ ما أطلقت عليه حملة "غسيل الأدمغة وتطهير العقول" قامت بتعطيل الشعائر الدينية، ومنع مسلمي الأقلية من الذهاب إلى الحج، وأغلقت المعاهد الإسلامية، وأصبحت الأمور أكثر قسوة في الستينيات والسبعينيات، إذ قامت بكين بحرق المصاحف والاعتداء على رجال الدين، وتدمير المساجد، انخفض عدد المساجد من 20 ألفا إلى 500.
منعت بكين مسلمي الإيغور من إطلاق اللحى، وكذلك تمنع المسلمات من ارتداء النقاب، وتجبر أبناء الأقلية المسلمة على تسليم المصاحف وكتب الدين وسجادات الصلاة بصورة دورية.
بالإضافة إلى ذلك، لا يستطيع مسلمو الإيغور الصيام في الدراسة، أو أثناء العمل في المؤسسات الحكومية، وأجبرت الحكومة أصحاب المحلات التجارية من مسلمي الإيغور على بيع الخمور والسجائر.