هي حسناء الشاشة مريم فخر الدين، إحدى أبرز جميلات السينما المصرية، امتلكت ملامح بريئة منحتها تعريفات أخرى كـ “الحمامة الوديعة”، و”ملاك السينما الطاهر”، ودخلت عالم الفن والتمثيل فى زمن كان يقدر قيمة الجمال الراقى، فأهلتها ملامحها الملائكية لتعبر إلى قلوب كل من يشاهدها من خلال أدوار البنت الرومانسية البريئة والمظلومة والمغلوب على أمرها، وأثبتت نفسها فيها بجدارة، حتى قررت أن تخرج منها إلى أدوار أخرى متنوعة فمثلت دور الخائنة والفتاة اللعوب وبنت الليل وغيرها .
ولدت مريم محمد فخر الدين في 8 يناير عام 1933، لأب مصري يعمل مهندس ري، وأم مجرية اسمها باولا، تعرف عليها أثناء إحدي سفرياته الخارجية، لذلك كانت تصف نفسها بـ"الفلاحة الخواجاية"، ولها أخ شقيق واحد هو الفنان يوسف فخر الدين، وعاشت مريم فترة طويلة من حياتها مزدوجة الديانة، حيث نشأت مع والدها الذي كان صارمًا ومسلمًا محافظًا، وأمها كانت مسيحية متدينة، لكنهما عاشا سويًا مع تمسك كل منهما بديانته. وبعد سن الثانية عشرة فرض عليها والدها عدم الخروج والاكتفاء بالذهاب إلى المدرسة، وفي إحدي التصريحات الصحفية قالت مريم :"كان ممنوع حتى أرد على التليفون، في مرة رديت علشان مفيش حد في البيت، طلع بابا اللي بيتصل، جه شال التليفون كله". وأضافت حسناء الشاشة أن والدتها كانت تتسم بالصارمة، حيث شبهتها بـ"وزيرة الداخلية" قائلة :"ما كنتش باخد مصروف زي باقي زميلاتي في المدرسة، ولما طلبته قالتلي تعملي حاجة علشان تاخدي قصادها فلوس، فبقيت أكوي هدوم البيت وأخد فلوس"، كما أنها تعلمت الاعتماد على النفس من سن صغيرة، فكثيرًا ما كانت تقوم بأعمال المنزل بنفسها رغم وجود من يساعدها فيها.
درست، في المدرسة الألمانية حتى حصلت على شهادة تعادل البكالوريا، وكانت تتحدث 5 لغات، هم: العربية والإنجليزية، والألمانية، والفرنسية، والمجرية، ودخلت مجال الفن بالصدفة، وهي في السابعة عشرة من عمرها، بعد أن ذهبت لالتقاط صورة فوتوغرافية في عيد ميلادها، وعرض عليها المصور الاشتراك في مسابقة تنظمها مجلة "إيماج" الفرنسية، وفازت بجائزة أجمل وجه، ولذلك تعاقد معها المصور عبده نصر والمخرج أحمد بدرخان على المشاركة في أول أفلامها "ليلة غرام"، والذي تقاضت عنه ألف جنيه كأجر. رفض والدها فكرة إنفاقها من مالها الخاص، طوال وجودها في بيت العائلة، بعد عملها في المجال الفني وحصولها على أجور عالية، قائلا: “طول ما أنا في بيت والدي كنت بكنس وأكوي وأخد فلوس أعيش بيها في البيت، أما فلوسي التانية في البنك لغاية ما أتجوز". تزوجت من المخرج محمود ذو الفقار وهي ابنة 18 عامًا، وكان يكبرها بـ23 عامًا، وكان يعاملها بشدة ويتعمد إهانتها وضربها، ويأخذ أجرها ويمنحها جزء قليل منه، فلجأت لإخفاء نصف ما تتقاضاه في جواربها، وذات يوم ووقت سفره وجدت المبلغ وصل إلى 17 ألف جنيه، فأجرت شقة وأثثتها وطلبت منه الطلاق، بعد زواج دام 8 سنوات، وكانت ثمرته ابنتها إيمان، وكانت مرتبطة بشادية حتى وفاتها، على عكس علاقتها بفاتن حمامة التي كانت متوترة، حيث رأت أنها لم تكن "سيدة الشاشة العربية"، قائلة: "ما كلنا سيدات".
بعد 3 أشهر من طلاقها، تزوجت من الدكتور محمد الطويل، واعتزلت الفن لفترة تنفيذًا لرغبته، وأنجبت منه ابنها أحمد، لكنهما تطلقا بسبب سوء معاملتها مرة أخرى بعد 4 أعوام من الزواج، الزيجة الثالثة في حياة مريم، كانت من المطرب السوري فهد بلان، حيث انتقلت للحياة معه في لبنان، وشاركته عدة أعمال فنية، وكان أكثر أزواجها حُسن معاملة لها، لكنها تطلقت مرة آخرى لأن أبناءها لم يتقبلوا فكرة الزواج. وآخر زيجاتها كانت من رجل الأعمال شريف الفضالي ، الذي يصغرها بـ10 أعوام، لكن كالعادة كانت النهاية بالطلاق، ورغم 4 زيجات لم ترتد مريم فخر الدين فستان الزفاف الأبيض ولا مرة. شاركت مريم فخر الدين في أكثر من 200 فيلمًا سينمائيًا، وهو رقم قياسي، وكان لها تصريحات جرئية، أغضبت كثيرين منها، حيث هاجمت فاتن حمامة وعادل إمام ويوسف شاهين وغيرهم، وظلت مريم لا دينية بسبب تشتتها بين دين والدها ووالدتها، لكن قربها من شادية جعلها تبحث عن طريقة الصلاة والوضوء وبدأت في تعلم سورة الفاتحة وقصار الصور في سن كبيرة.
قالت الفنانة مريم فخر الدين أنها نظرا لازدواجية الديانة فعاشت طوال عمرها لا تعرف طريقة الصلاة، ولم تصل يوما حتى جاء يوم وألحت عليها رغبة شديدة فى إقامة فرض الصلاة، الأمر الذى جعلها تستعين بالفنانة شادية، حتى تعلمها فأرسلت إليها بكتاب “المسلم الصغير” فلم تفهم منه شيئا، ففوجئت بالشيخ الراحل محمد متولى الشعراوى يتصل بها ليساعدها فعندما أخبرته أنها لا تستطيع حفظ “التشهد” أباح لها قراءة الفاتحة ثم التسليم، كما أباح لها أن تستحم قبل كل فرض لعدم إدراكها لفكرة الوضوء، حتى تمكنت من تعلم الوضوء وحفظ التشهد بعد أن روت لها إحدى صديقاتها قصة الإسراء والمعراج، وتوفيت مريم فخر الدين يوم 3 نوفمبر عام 2014، عن عمر ناهز 81 عامًا.