لم تتأخر طالبان كثيرا، سرعان ما شاهدنا مقاتليها وأنصارها وهم يزيلون اليافطات الشيعية، لوحات الحسين، وكل مظاهر التشيع من الشوارع. قد تتسامح طالبان "السلفية الجهادية" في مسائل تخص الثقافة والسياسة، غير أنه من المستبعد أن تسمح للشيعة بممارسة طقوسهم علانية، أو التعبير عنها. ما يفعله الشيعة، وفقا لتعاليم طالبان، يتجاوز مسائل الفروع إلى الأصل: الكفر والإيمان.
حتى الآن تبدو الحركة وكأنها قد غفرت لمن قاتلها، ومن حرض عليها، وترسل إشارات موجبة بشأن المرأة والتعليم والشراكة.. تبدو، حتى اللحظة، متسامحة بعض الشيء ويتحدث مسؤولها عن حكومة واسعة الطيف. فيما يخص التشيع فتلك مسألة منفصلة كليا. ثمة واجب لله تراعيه طالبان، وترعاه: أن لا يشرك به في رابعة النهار. تنتمي كل طقوس الشيعة، وفقا للمدونة العقائدية الطالبانية، إلى فصل الشرك الواضح.
لقد حصلت إيران، أخيرا، على ما استحقته!
هل ستخسر إيران خزان المقاتلين الأفغان الذين زجت بهم في حروبها وراء البحار؟
وهل قررت أميركا "التخلي" كي تزرع خطرا على الحدود الشرقية لخصمها اللدود إيران؟
تتشارك الدولتان، إيران وأفغانستان، حدودا تداني الألف كيلومترا. ستعلن طالبان إمارتها الإسلامية التي ستكون على النقيض تماما من الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ستتجاور الإمارة والجمهورية، وستنتجان إسلامين متعاديين. وقبل أن تتصارع السياسة ستتقاتل الثقافة والهوية. ستتوافر الدولتان، بهذا المعنى، على كل الشروط الموضوعية التي ترشحهما لأن يكونا أسوأ جارين على الإطلاق.
في العقد الأخير توسعت إيران خارج حدودها، أو أزاحت حدودها الغربية حتى وصلت إلى اليمن. وصار بمقدورنا الحديث عن العالم الإيراني، وليس إيران وحسب. فبعد الهجوم الإسرائيلي على قاعدة إيرانية في سوريا رد إيرانيو اليمن بطائرة مسيرة وقصفوا هدفا إسرائيليا في المحيط الهندي. الآن تتأسس منصة معادية لإيران في عقر دارها، وستكون ملعبا جيدا لمن يريد مشاغلة ذلك العملاق من الخلف. تبدو طالبان الآن كما لو أنها مشروع أميركي بامتياز، أو حجرا في مدار استراتيجية الأمن الأميركية. حصلت على السلاح الأميركي، ولم يبد البنتاغون أي ندم على كل تلك الترسانة الضائعة. لن يطول الوقت حتى يصل قادة طالبان إلى الرياض، وتعود السفارة الأميركية لتفتح أبوابها في كابول، ويفتتح بن سلمان فرعا لجامعة أم القرى في مزار شريف.
نقلاً عن صفحة الكاتب على فيسبوك.