تعرضت فنانة شهيرة لاغتصاب حقيقي في مشهد من مشاهد واحد من أجرأ الأفلام السينمائية في العالم، مما أدى إلى صراخها ودخولها في نوبة بكاء، دون رحمة من مخرج أو بطل الفيلم. كما تسبب عرض مشهد الاغتصاب، بإثارة موجتي غضب وجدل بين صفوف الجمهور والأوساط الصحفية والإعلامية والفنية وغيرها من الأوساط على مستوى العالم.
واجتذب هذا المشهد الذي تفاجأت به بطلة الفيلم، أثناء تصويره، مستويات مختلفة من الرقابة الحكومية في جميع أنحاء العالم. مشهد الاغتصاب، الذي ما زال يتداول حتى اليوم، عبر منصات السوشال ميديا، جاء في فيلم"التانغو الأخير في باريس"، وهو عمل شبقي ودرامي، من إنتاج عام 1972، مدته 245 دقيقة. واخرج الفيلم، برناردو بيرتولوتشي، وتدور أحداثه حول رجل امريكي، غدا أرملاً مؤخراً، يلتقي بفتاة باريسية وينخرطان في علاقة جنسية بهويات مجهولة. وعندما عُرض "التانغو الأخير في باريس" في أمريكا، اقتطع منه أكثر مشهد مثير للجدل وأعطته جمعية الفيلم الأمريكي تقييم إكس، بعد إجراء تنقيحات على رمز تقييم الجمعية في عام 1997. وأعاد نظام جمعية الفيلم الأمريكي لتقييم الأفلام، تقييم فيلم التانغو الأخير في باريس، على أنه إن سي-17 بسبب «بعض المحتويات الجنسية الصريحة» وأصدرت مترو غولدوين ماير رقابة مخفضة من النوع آر عام1981.
وفي احداث الفيلم، يلتقي بول (براندو) البالغ من العمر 48 عاما، وهو رجل أمريكي يملك فندق ويعيش حالةً من الحزن إثر انتحار زوجته روزا، بشابة باريسية تدعى جين (ماريا شنايدر) تبلغ من العمر 19 عاما، في شقة يهتم كلاهما باستئجارها. يأخذ بول الشقة بعد أن تحصل علاقة جنسية بهويات مجهولة بينه وبين جين، هناك، ويصر على أنه يجب ألا يشارك أي منهما أية معلومات شخصية مع الآخر حتى الأسماء، مما يثير جزع الشابة جين، تستمر العلاقة إلى أن تصل جين إلى الشقة في أحد الأيام لتجد أن بول قد غادرها دون سابق إنذار. يلتقي بول بجين في الشارع فيما بعد ويخبرها أنه يريد تجديد العلاقة، يخبرها عن المأساة الأخيرة المتعلقة بزوجته. خلال سرده لقصة حياته، يتجولان في حانة التانجو ويستمر بإخبارها عن نفسه. اتضاح هوياتهما وكشفهما عنها يجعل جين تشك في العلاقة وتستيقظ من الوهم، تخبره بأنها لا تريد الاستمرار في العلاقة ولا تريد رؤيته مجدداً، يطاردها بول في شوارع باريس طوال الطريق إلى شقتها ويخبرها بأنه يحبها ويريد معرفة اسمها رافضاً أن يدعها وشأنها.
تسحب جين مسدساً من الدرج، تخبر بول باسمها وتطلق عليه النار، يتمايل بول على الشرفة، مصاباً بجروح قاتلة، ومن ثم ينهار ويسقط. عندما يموت بول، تتمتم جين إلى نفسها، مذهولةً، بأنه كان مجرد رجل غريب اغتصبها وهي تجهل هويته، وتحضّر نفسها لاستجوابها من قبل الشرطة كما لو كانت في تجربة أداء. وتحدثت وسائل الإعلام حينها، بأن نجما العمل السينمائي كانا تحت ضغط المخرج مضطرَين لتنفيذ مشهد الاغتصاب فعليا وواقعياً على الرغم من رفضهما. وكان مشهد الاغتصاب هذا قد عاد مجدداً، ليجتاح مواقع التواصل الاجتماعي بعد التصريحات التي أدلى بها المخرج برتولوتشي في وقت سابق، قائلا إن الاغتصاب كان حقيقيا وبالاتفاق المسبق بينه وبين براندو من دون علم وموافقة ماريا شنايدر. وظهر الفيديو الذي يتحدث فيه برتولوتشي عن هذه الواقعة مجددا على مواقع الإنترنت بعد أن قامت المؤسسة الإسبانية غير الربحية "El Mundo de Alycia" بتاريخ 25 نوفمبر الموافق لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، بإعادة نشر التصريح من جديد على الرغم من أن الفيديو الأصلي كان قد نُشر في العام 2013.
يذكر أن ماريا شنايدر التي توفيت في عام 2011 بعد صراع طويل مع مرض السرطان، كانت قد صرحت لصحيفة دايلي ميل البريطانية في عام 2007 بأن المشهد "لم يكن موجوداً في السيناريو الأصلي" وكان براندو هو صاحب الفكرة، إلا أنه قيل لها أن المشهد تمثيلي فقط". وأضافت: "كنت غاضبة جدا، لأني أجبرت على أن أكون جزءاً من المشهد من دون علمي أو موافقتي" وكان علي أن أتصل بوكيل أعمالي أو المحامي الخاص بي ليحضرا إلى مكان التصوير، لأنه ليس من المفترض أن يُجبَر الممثل على فعل شيء لا يعلمه ولم يُكتب في السيناريو، لكنني لم أكن أعي ذلك آنذاك".
وأيّد برتولوتشي ما صرحت به شنايدر قائلا إن "فكرة مشهد الاغتصاب حضرتني أنا ومارلون براندو في صباح يوم التصوير، كنا نريد أن يظهر رد فعل ماريا كفتاة عمرها 19 عاما وليس كممثلة". وأوضحت الممثلة الراحلة التي ظهرت في مشهد الاغتصاب تصرخ وتبكي بشدة، إنها شعرت "بالإهانة والاشمئزاز والغضب من برتولوتشي وبراندو عقب تصوير المشهد".
وقد توفي مخرج فيلم"التانغو الأخير في باريس"، الإيطالي برناردو برتولوتشي، الذي وصف بأنه صاحب أحد أشهر مشاهد الاغتصاب بالسينما، نهاية عام 2018.