توفيت مؤخراً مارسيل نينو في رامات غان قرب تل أبيب بإسرائيل عن عمر يناهز 89 عاما.
وسجنت نينو في مصر لدورها في عمليات تجسس لصالح إسرائيل عام 1954 وزرع قنابل في مصالح أمريكية وبريطانية في مصر في محاولة لإقناع بريطانيا لإبقاء قواتها المتمركزة في قناة السويس.
فمن هي مارسيل نينو؟
ولدت فيكتورين مارسيل نينو في 5 نوفمبر/ تشرين ثاني عام 1929 لعائلة يهودية في القاهرة، وكان والدها ياكوف قد هرب من بلغاريا قبل الحرب العالمية الأولى، ووالدتها فاني من تركيا.
توفي والدها وهي في العاشرة من العمر، والتحقت في طفولتها بالعديد من المدارس كانت إحداها يهودية وأخرى إدارتها من الراهبات الكاثوليك، وصارت تتحدث الإنجليزية والفرنسية بطلاقة، وتلعب كرة السلة، والتحقت بالشبيبة الصهيونية.
وعملت سكرتيرة في القاهرة حيث تم تجنيدها من قبل الاستخبارات الإسرائيلية عام 1951 لتنضم للوحدة 131 فكانت المرأة الوحيدة في هذا الوحدة التي ضمت عشرات اليهود المصريين.
وكان أحد أصدقائها قد قدمها إلى رجل قام بدروه بربطها بعميل الموساد أبراهام دار واسمه الشفري جون دارلينغ.
وكانت القصة التي تستخدمها كغطاء أنها سكرتيرة لدار، ولكنها كانت في الواقع ضابط الاتصال بين عناصر الوحدة في القاهرة والاسكندرية.
العملية سوزانا
وبعد تولي الجيش السلطة في مصر بعامين، وتحديدا عام 1954 شعرت إسرائيل بالقلق من احتمال إقدام السلطة الجديدة على تأميم قناة السويس، وإغلاق هذا الطريق التجاري الحيوي، فكانت مهمة الوحدة 131 هي تفجير القنابل في مهمة لإقناع قادة أمريكا وبريطانيا بأن السلطة الجديدة في مصر لن تحمي مصالحهم ورعاياهم.
وأطلق على هذه العملية أسم سوزانا ولكنها لم تسفر عن تغيير في السياسة الغربية تجاه مصر.
في يوليو/تموز عام 1954 زرعت الوحدة قنابل في مكتب بريد في الاسكندرية، والمكتب الثقافي الأمريكي في كل من القاهرة والإسكندرية.
وفشلت محاولة لتفجير دار سينما في الاسكندرية حيث اشتعلت المادة المتفجرة في جيب العميل المكلف بالمهمة فتم إلقاء القبض عليه وعلى آخرين مما أقلق نينو.
وهربت نينو(اسمها الشفري كلود) من القاهرة في أوائل أغسطس/ آب 1954 إلى مدينة رأس البر في حافلة.
وبينما كانت تتناول طعام الغذاء في الفندق سمعت استدعاء في مكبر صوت لتلقي مكالمة هاتفية، ولدى توجهها لتلقي المكالمة تم اعتقالها ونقلها للقاهرة حيث تعرضت لاستجواب قاس، بحسب ما ذكرته لاحقا عن تلك الفترة.
وبدأت المحاكمة في أواخر عام 1954 في القاهرة، وانتهت في أوائل عام 1955 حيث أدين المتهمون، وحكم على أثنين منهم بالإعدام، بينما كان الحكم على نينو بـ 15 عاما في السجن وتم إرسالها لسجن النساء.
فضيحة لافون
عقب تفجر القضية قال رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت موشيه شاريت إنه لم يكن على علم بالأمر، وعقب المحاكمة استقال وزير الدفاع بنحاس لافون زاعما أنه لم يكن يعلم أيضا بالعملية غير أن الكولونيل بنيامين غيبلي مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية حينئذ أكد أنه كان يتلقى أوامره من لافون.
وطفت فضيحة سوزانا مجددا على السطح أواخر عام 1960 واستمرت في العام التالي عندما استقال رئيس الوزراء في ذلك الوقت ديفيد بن غوريون (لفترة وجيزة) لخلافه مع تقرير للجنة وزارية برأت لافون من الاتهامات بإصدار أوامر التفجيرات.
وأطلق على فضيحة سوزانا في إسرائيل اسم "فضيحة لافون" و"العمليات القذرة".
إفراج وزواج
في عام 1968 تم إطلاق سراح نينو وعدد من العملاء الإسرائيليين مقابل عدد من الأسرى المصريين في حرب عام 1967.
وبعد ذلك بثلاث سنوات عندما تزوجت إيلي بوغر وكان من بين ضيوف حفل الزفاف رئيسة الوزراء الإسرائيلية حينها غولدا مائير.
وكتبت مائير عنها تقول: "كان لدى نينو جهاز راديو ترانزيستور غير قانوني كانت تستمع عبره للأخبار، وقبل نومها تنصت للإذاعة الإسرائيلية لتستمع للنشيد الوطني الإسرائيلي هاتكفاه".
وبعد عودتها لإسرائيل تعلمت نينو العبرية، وتخرجت من جامعة تل أبيب حيث درست الأدب الإنجليزي.
وفي عام 2005 تم منحها واثنين من زملائها في الوحدة 131 هما روبرت داسا ومائير زافران رتبا عسكرية في الجيش الإسرائيلي تقديراً للخدمات التي قدموها لإسرائيل.
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي حينئذ الجنرال موشي يعلون في مراسم منحهم الرتب: "هذه عدالة تاريخية لأولئك الذين أرسلوا في مهمة نيابة عن الدولة ليصبحوا ضحايا لفضيحة سياسية معقدة".