تعيش جماهير كرة القدم في العالم حالياً على وقع بطولة دوري أبطال أوروبا التي اكتسبت زخماً كبيراً في الأيام القليلة الماضية بسبب النظام الخاص الذي أطلقه الاتحاد الأوروبي للعبة، وذلك من خلال إقامة ما تبقى من مباريات هذه النسخة في البرتغال بنظام التجمّع ومن مباراة واحدة فاصلة على شكل كأس مصغرة تُشبه بطولة كأس العالم وأمم أوروبا، التي تحظى بحسابات مختلفة حين تقام المواجهات ذهاباً وإياباً. ويلتقي اليوم نادي أتلتيكو مدريد الإسباني بنظيره لايبزيغ الألماني، وحلم كلّ طرف متابعة الرحلة في المسابقة الأوروبية لحصد اللقب الأول، وهو الاختبار الأول لهما في هذه المسابقة منذ استئنافها قبل أيام بسبب تفشي فيروس كورونا عالمياً، الذي أوقف النشاط لفترة طويلة قبل معاودته مجدداً لكن خلف أبواب موصودة أي من دون حضور الجماهير. وعاش أتلتيكو مدريد وجماهيره والاتحاد الأوروبي للعبة في الأيام الماضية حالة من الترقّب والتخوف بعد إصابة الظهير الأيسر الكرواتي شيمي فرساليكو والجناح الأرجنتيني أنخيل كوريا بفيروس كورونا، قبل صدور نتائج فحوصات بقية اللاعبين والطاقم الفني، والتي جاءت جميعها سالبة، ما أعاد الراحة إلى نفوس الجميع، ليؤكد يويفا بعدها إقامة المباراة في موعدها المحدد، مع العلم أن البروتوكول الصحي الذي وضعه يويفا ينصّ على خضوع جميع الأندية لفحوص قبل 10 إلى 14 يوماً من مبارياتها الأولى في البرتغال، إضافة إلى جولة أخرى من الفحوصات قبل مغادرة البلاد، كما يخضع الجميع لفحوصات كورونا أيضاً عشية كلّ مباراة، ويتكرر الأمر حتى نهاية البطولة تفادياً لأي إصابة غير متوقعة تعرقل الجدول بأكمله، مع العلم أن يويفا أكد عدم تأجيل أي مباراة إلا إذا لم يمتلك الفريق 13 لاعباً قادراً على المشاركة.
أتلتيكو في البداية ويتسلّح أتلتيكو مدريد في هذا اللقاء بالخبرة التي اكتسبها في السنوات الماضية بعدما بلغ النهائي في 3 مناسبات في تاريخه، أولاها عام 1973-1974، ثم في موسمي 2013-2014 و2015-2016 تحت قيادة المدرب دييغو سيميوني، لكن الحظّ عانده أمام الجار ريال مدريد، الذي حقق اللقب بقيادة كارلو أنشيلوتي في المرة الأولى ومن ثم مع المدرب الفرنسي زين الدين زيدان. ويدخل الروخي بلانكوس اللقاء متسلحاً بالانتصار الذي حققه بطل المسابقة في الموسم الماضي، ليفربول الإنكليزي، قبل فترة التوقف بعدما تغلّب عليه 1-0 ذهاباً و3-2 إياباً. واستطاع أتلتيكو في الفترة الأخيرة استعادة توازنه واختتم بطولة الدوري الإسباني باحتلاله المركز الثالث خلف برشلونة الوصيف وريال مدريد البطل، وهو ما يعطي جرعة إضافة من التفاؤل لتجاوز الخصم، مع العلم بأنه لم يخسر منذ عودة المنافسات في أي مناسبة، بعدما فاز في سبع مباريات وتعادل في 4 لقاءات. وكعادته يعول سيميوني على صلابة فريقه الدفاعية وعمله كمجموعة في أرضية الملعب، وذلك من خلال تقليل المساحات وإيصال الكرة إلى الخط الهجومي القادر على اختراق المنافسين في أي لحظة، إذ إنه يمتلك مهاجمين من الطراز الرفيع، هما الإسبانيان دييغو كوستا المعروف بقوته البدنية وألفارو موراتا الذي استطاع إثبات نفسه في تشكيلة المدرب الأرجنتيني، مؤكداً أنه كان خياراً مناسباً وموفقاً يوم جاء من تشلسي بعد تجربة سيئة قضاها في العاصمة البريطانية لندن. نقطة أخرى يعتمد عليها دييغو سيميوني، وهي امتلاكه للحارس السلوفيني يان أوبلاك البالغ من العمر 27 عاماً، الذي يعتبر واحداً من أفضل الحراس في العالم في السنوات الأخيرة، بفضل ثبات مستواه وقدرته على إيقاف أي كرة.
لايبزيغ وحلم تاريخي على المقلب الآخر يسعى الفريق الألماني لدخول التاريخ من أوسع أبوابه، خاصة أنه قد يجد نفسه في نصف نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا العريقة للمرة الأولى منذ تأسيسه، وهو الذي أقصى وصيف النسخة الماضية، نادي توتنهام الإنكليزي، بعدما هزمه بنتيجة 1-0 ذهاباً ومن ثم اكتسحه إياباً بثلاثية بيضاء. وكان مشوار لايبزيغ في الدوري الألماني جيداً باحتلاله المركز الثالث خلف بروسيا دورتموند وبايرن ميونخ البطل بفارق 16 نقطة، لكن الأهم كان بطبيعة الحال ضمان المشاركة في التشامبيونزليغ في الموسم المقبل، لما فيه من أهمية اقتصادية ومالية في ظلّ أزمة كورونا. وكان لايبزيغ يُمني النفس بالاستفادة من خدمات مهاجمه الألماني السابق تيمو فيرنر، لكن انتقاله إلى تشلسي الإنكليزي حال دون ذلك بسبب القوانين، وهو الذي أحرز 4 أهداف في دوري الأبطال هذا الموسم و28 هدفاً في الدوري الألماني الموسم الماضي، لكن آمال جماهير نادي لايبزيغ ستكون قائمة على الدنماركي يوسف بولسن، الذي شفي من إصابة كان قد تعرّض لها في كاحل القدم، إضافة للاعب السويدي المميز صاحب الرقم 10 إميل فوشبري. ويعلم المدرب يوليان ناغلسمان أن المهمة لن تكون سهلة أمام أتلتيكو مدريد، لكنه يعول على سجله المميز، إذ خسر الفريق الألماني مباراة واحدة فقط في آخر 16 مباراة رسمية، وفاز في 8 مباريات وتعادل في 7، في حين أن 25% فقط من مبارياته خلال تلك الفترة شهدت شوطاً أول بدون أهداف. وسيكون الفريق المبادر للتسجيل أمام فرصة حقيقية لتحقيق الانتصار، لا سيما أن ناغلسمان يعلم صعوبة مواجهة أتلتيكو في حال سجل الأخير هدفاً وأغلق بعدها المساحات وخطوطه الخلفية، ما قد يؤدي إلى عدم القدرة على العودة وقيادة المباراة بأسلوبه الخاص.