فيما لا تزال أعمال البحث مستمرّة عن المفقودين جراء الانفجار الذي وقع الثلاثاء في مرفأ بيروت، تستعدّ ساحة الشهداء بعد ظهر اليوم السبت لاستقبال عددٍ من الناشطين ومجموعات مدنية لتشييع الضحايا وللتعبير عن غضبهم.
ومن المنتظر أن تبدأ مسيرة من مؤسسة شركة الكهرباء التي تقع على مقربة من مرفأ بيروت إلى ساحة الشهداء، يتوقع أن تكون حاشدة نتيجة الغضب الشعبي من سلطة يعتبر المحتجون أنها فقدت كامل شرعيتها والحرب المفتوحة عليها قد بدأت، كي لا يتكرّر مشهد 4 أغسطس/ آب الجاري.
وأودى انفجار بيروت الضخم بحياة 154 شخصاً على الأقل، وسبّب إصابة أكثر من خمسة آلاف وتدمير أجزاء واسعة من العاصمة، فيما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم، أكثر من ستين شخصاً ما زالوا في عداد المفقودين.
وترتكز دعوات المجموعات المدنية على ضرورة إسقاط السلطة في الشارع. وبنظرها، لا ثقة للتحقيقات التي تجريها في انفجار مرفأ بيروت، ولا ثقة بالأجهزة الأمنية والقضائية، ولا شرعية للنظام وسياسييه ومؤسساته وأحزابه ومصارفه وإعلامه، وهذه الشرعية لن ترمّمها لجان التحقيق وصناديق الاقتراع وحكومات الإنقاذ.
ويرى الناشطون في بيان الدعوة إلى مسيرة اليوم، أن الشرعية هي لمن ينظف الشوارع ويعتني بالجرحى ويرثي الموتى.
ويعتبرون أن اليوم هو وقت الكفاح لتحرير المؤسسات من منتحلي الصفة، وتحرير المدينة من محتليها، وتحرير ودائع الناس من سطوة المصارف، وتحرير الناس من فساد سلطة تحتل الوطن، ويؤكدون أنّ معركة رحيل الطبقة الحاكمة بدأت.
وانتشر عبر "تويتر" وسم "#علقوا_المشانق_بالساحات"، و"#السبت_بكل_الساحات"، للدعوة إلى تحرّك اليوم الذي شبّهه البعض بأنه تنظيف بيروت من الفساد.
ولا يقتصر غياب الثقة بالتحقيق المحلي على الصعيد الشعبي والداخلي، بل أيضاً الدولي، إذ عبّرت "هيومن رايتس ووتش" في بيان عن قلقها الشديد بشأن قدرة القضاء اللبناني على إجراء تحقيق موثوق وشفاف.
وقد وثقت منظمات حقوقية لبنانية ودولية على مدى سنين التدخلات السياسية في القضاء، وانتقدت عدم استقلاليته، كذلك وثقت "هيومن رايتس ووتش" حالات سابقة لم يلتزم خلالها القضاء بالقانون أو يُجرِ تحقيقات مستقلة وشاملة في ادعاءات ضد الانتهاكات الحكومية. وتشير الأدلة الأولية إلى أن بعض القضاة كانوا على علم بتخزين نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت ويُزعم أنهم لم يتحرّكوا.
وعلى الرغم من التوقيفات التي طاولت المدير العام للجمارك بدري ضاهر، والمدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي، ومدير مرفأ بيروت حسن قريطم وآخرين وإبقائهم رهن التحقيق بناءً على إشارة القضاء المختص ومتابعة التحقيقات في ملابسات الانفجار، إلّا أنّ التوقيفات لا تزال بعيدة عن الرؤوس الكبيرة والمسؤولين عن الحكم والوزراء المعنيين والأجهزة المختصة منذ عام 2013 حتى يوم الرابع من أغسطس/ آب، في وقتٍ يتذرع فيه كلّ مسؤول بأنه لم يكن على علم بوجود المواد في مرفأ بيروت. وكان مفوض الحكومة اللبنانية لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي، قد أعلن في تصريح لـ"الوكالة الوطنية للإعلام" استكمال المرحلة الأولية من التحقيقات المتعلقة بالانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، التي كان قد باشرها عقب الانفجار في مسرح الجريمة الذي سيبقى مقفلاً حتى انتهاء التحقيق.
وأوضح أن التحقيقات جرت بإشرافه على قسمين: الأول من قبل الشرطة العسكرية في الجيش اللبناني، والثاني من قبل شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي. وأشار إلى أن التحقيق "شمل كل الملابسات التي أدت إلى حصول هذا الانفجار الهائل، وما نجم عنه من سقوط شهداء وجرحى أبرياء من العسكريين والمدنيين، ووقوع أضرار جسيمة جداً".
وقال مفوض الحكومة إن "التحقيقات ستتابع من قبل النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات، استكمالاً للإجراءات المتخذة من قبله".
وفي سياق متصل، من المتوقع أن يقدّم عدد من النواب المستقلّين استقالتهم من البرلمان، بعدما قدم نواب "حزب الكتائب اللبنانية" استقالتهم اليوم، في خطوة بدأها النائب في "اللقاء الديمقراطي" ، مروان حمادة.